شرع الله -سبحانه وتعالى- صلاة الجنازة؛ وهي صلاةٌ يؤدّيها المسلمون على الميّت بعد تغسيله وتكفينه، وفيما يأتي بيانٌ لصفتها؛ أي كيفيَّة أدائها، وحكمها، وفضلها.


صفة صلاة الجنازة

يُقصد بصفة صلاة الجنازة الكيفيَّة التي تؤدّى عليها، وهي صلاةٌ مختلفةٌ في كيفيّتها عن الصلوات الأُخرى؛ إذ إنّ صلاة الجنازة قائمةٌ على التكبير، ولا سجود فيها ولا ركوع، وقد تعدّدت أقوال الفقهاء في عدد التكبيرات؛ فقيل أربع تكبيراتٍ وهو الأشهر وأكثر ما عليه العمل، وقيل خمسٌ، ومنهم من أوصلها إلى تسع تكبيراتٍ؛ تبعًا لتعدّد الروايات الواردة عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في لك، ويُفصل بين كلّ تكبيرةٍ وتكبيرةٍ، وفيما يأتي بيان كيفيّة صلاة الجنازة في النقاط الآتية:[١][٢]

  • يكبّر الإمام التكبيرة الأولى.
  • يقرأ الفاتحة بعد التكبيرة الأولى سرًّا، وله قراءة ما تيسّر من القرآن عند بعض أهل العلم.
  • يكبّر التكبيرة الثانية.
  • يُصلّي على النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بعد الركعة الثانية بالصلاة الإبراهيمية، وهي: (اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما صَلَّيْتَ علَى إبْرَاهِيمَ وعلَى آلِ إبْرَاهِيمَ؛ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما بَارَكْتَ علَى إبْرَاهِيمَ وعلَى آلِ إبْرَاهِيمَ؛ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ).[٣]
  • يكبّر التكبيرة الثالثة.
  • يدعو للميت بعد التكبيرة الثالثة بالرحمة والمغفرة ورفعة الدرجات في الآخرة.
  • يكبّر التكبيرة الرابعة.
  • يدعو بعد التكبيرة الرابعة للمسلمين جميعهم أحيائهم وأمواتهم.
  • يسلّم بعدها المصلي، وتنتهي صلاة الجماعة بالتسليم، ويخرج الناس لتشييع الميّت لدفنه في قبره.


الأدعية المأثورة للميت في صلاة الجنازة

لا شكّ أنّ أفضل ما يُدعى به للميّت في صلاة الجنازة؛ لأدعية المأثورة عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- والتي ذكرت الروايات أنّه كان -عليه الصلاة والسلام- يدعو بها في صلاة الجنازة، ومنها:[٤]

  • (اللَّهُمَّ اغْفِرْ له وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ وَاعْفُ عنْه، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بالمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنَ الخَطَايَا كما نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِن دَارِهِ، وَأَهْلًا خَيْرًا مِن أَهْلِهِ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِن زَوْجِهِ، وَأَدْخِلْهُ الجَنَّةَ، وَأَعِذْهُ مِن عَذَابِ القَبْرِ، أَوْ مِن عَذَابِ النَّارِ)،[٥] ويمكن الدعاء به بعد التكبيرة الثالثة.
  • (اللَّهُمَّ اغفِر لحيِّنا وميِّتِنا وصغيرِنا وَكبيرِنا وذَكَرِنا وأنثانا وشاهدِنا وغائبِنا اللَّهُمَّ مَن أحييتَه منَّا فأحيِهِ علَى الإيمانِ ومَن تَوفَّيتَه مِنَّا فتوفَّهُ على الإسلامِ اللَّهُمَّ لا تحرِمنا أجرَه ولا تُضِلَّنا بعدَه).[٦]
  • (اللهم إنه عَبْدُكَ وابنُ عَبْدِكَ وابنُ أَمَتِكَ، كان يشهدُ أن لا إله إلا أنتَ، وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ ورسولُكَ، وأنت أَعْلَمُ به، اللهم إن كان مُحْسِنًا فَزِدْ في حَسَناتِهِ، وإن كان مُسِيئًا فتَجَاوَزْ عن سيئاتِهِ، اللهم لا تَحْرِمْنا أَجْرَهُ، ولا تَفْتِنَّا بعدَه).[٧]


حكم صلاة الجنازة

اتّفق الفقهاء على أنّ صلاة الجنازة فرض كفايةٍ؛ أي إذا قام بها بعض المسلمين، سقط الإثم على الباقين، وإذا لم يؤدِّها أحدٌ أثموا جميعهم، إلّا أنّ أقوال الفقهاء تعدّدت فيما إذا كانت الجماعة واجبةً لصلاة الجنازة، أمّ يمكن أن يصليها المنفرد، ولا يُشترط لها الجماعة؛ فذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ الجماعة لصلاة الجنازة سنَّة، ولا يُشترط لأدائها الجماعة، أمّا المالكيّة فقالوا إنّ الجماعة شرطٌ لصحّة صلاة الجنازة.[٨]


فضل صلاة الجنازة

إنّ لصلاة الجنازة فضلًا عظيمًا يعود على من أدّاها وعلى الميّت نفسه؛ إذ إنّ الله -تعالى- خصّ من أدى صلاة الجنازة، وتبعها حتّى توارى القبر بأجرٍ عظيمٍ، كما جاء في حديث النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (مَنِ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ، إيمَانًا واحْتِسَابًا، وكانَ معهُ حتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا ويَفْرُغَ مِن دَفْنِهَا، فإنَّه يَرْجِعُ مِنَ الأجْرِ بقِيرَاطَيْنِ، كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ، ومَن صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أنْ تُدْفَنَ، فإنَّه يَرْجِعُ بقِيرَاطٍ)،[٩] كما أنّ أداء جمعٍ من الناس لصلاة الجنازة على ميِّتٍ؛ يكسب به الميّت شفاعةً من الله -تعالى-، بشفاعة دعاء الناس له.[١٠]


المراجع

  1. ناصر الدين الألباني، تلخيص أحكام الجنائز، صفحة 54-55. بتصرّف.
  2. "صفة صلاة الجنازة"، إسلام ويب، 11/11/1999، اطّلع عليه بتاريخ 5/9/2022. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن كعب بن عجرة، الصفحة أو الرقم:3370، حديث صحيح.
  4. ابن جبرين، شرح أخصر المختصرات، صفحة 4. بتصرّف.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عوف بن مالك الأشجعي، الصفحة أو الرقم:963، حديث صحيح.
  6. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:3201، صححه الألباني.
  7. رواه الألباني، في أحكام الجنائز، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، الصفحة أو الرقم:159، إسناده موقوف صحيح جدا.
  8. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 479. بتصرّف.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:47، حديث صحيح.
  10. محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 753. بتصرّف.