استقبال القبلة في سجود التلاوة

اتفق جمهور الفقهاء على أنّ سجود التلاوة يُشترط له ما يُشترط للصلاة؛ من طهارة الحدث، واستقبال القبلة؛ وتالياً بيان أقوالهم في ذلك:[١]

  • ذهب الحنفيّة إلى القول بأنّ سجدة التلاوة يُشترط لها ما يشترط للصلاة؛ باستثناء التحريمة -تكبيرة الإحرام-، ونيّة تعيين الوقت، ولا فرق في ذلك بين القارئ والمستمع.
  • ذهب المالكيّة إلى القول بأنّ سجدة التلاوة يُشترط لها ما يشترط للصلاة؛ من الطهارة، واستقبال القبلة، وستر العورة، ونحو ذلك من الشروط.
  • ذكر الشافعيّة من شروط سجدة التلاوة استقبال القبلة؛ ويستوي في ذلك عندهم المصلي -الذي يقرأ آيات سجدة التلاوة-، وغيره.
  • ذهب الحنابلة إلى القول بأنّ شروط سجدة التلاوة هي ذاتها شروط صحّة الصلاة؛ من طهارة الحدث، واجتناب موضع النجاسة، واستقبال القبلة، والنيّة.


بينما ذهب جمعٌ من أهل العلم إلى أنّ سجود التلاوة مشروع مطلق، لا تحريم فيه ولا تحليل؛ إذ إنّه ليس كالصلاة؛ فلا يُشترط لهذا السجود مثل ما يُشترط للصلاة؛ وذلك استدلالاً بفعل ابن عمر -رضي الله عنهما-؛ الذي كان يسجد للتلاوة من غير طهارة، مع أنّ الإتيان بشروط صحة الصلاة قبل سجود التلاوة أفضل، ولا ينبغي الإخلال بذلك إلا لعذر، وبهذا قال طائفة من أهل العلم، واختاره البخاري، وهي رواية عن الإمام أحمد.[٢]


سجود التلاوة

تعريفه ومواضعه

يُعرف سجود التلاوة بأنّه سجدة واحدة، يُؤتى بها عند مواضع السجود في القرآن الكريم؛ والبالغ عددها خمس عشرة سجدة، منها ما هو إخبار عن سجود مخلوقات الله -تعالى-؛ فيُسنّ السجود فيها اقتداءً بهم، ومنها ما هو أمر من الله -تعالى- بالسجود؛ فيُسنّ السجود طاعة لله -تعالى-، وتحقيقاً لأمره -سبحانه-؛[٣] ومن الجدير بالذكر أنّ مواضع سجود التلاوة -على الراجح عند أهل العلم-، ما جاء في السور الآتية:[٤]

  • الأعراف؛ آية رقم (206).
  • الرعد؛ آية رقم (15).
  • النحل؛ آية رقم (50).
  • الإسراء؛ آية رقم (109).
  • مريم؛ آية رقم (58).
  • الحج؛ وفيها سجدتان؛ الأولى آية رقم (18)، والثانية آية رقم (77).
  • الفرقان؛ آية رقم (60).
  • النمل؛ آية رقم (26).
  • السجدة؛ آية رقم (15).
  • ص؛ آية رقم (24).
  • فصلت؛ آية رقم (38).
  • النجم؛ آية رقم (62).
  • الانشقاق؛ آية رقم (21).
  • العلق؛ آية رقم (19).


حكمه وفضله

حكم سجود التلاوة سنّة للقارئ والمستمع، وهو رأي الجمهور؛ وذلك لما ثبت في الصحيح عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أنّه قال: (رُبَّما قَرَأَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- القُرْآنَ، فَيَمُرُّ بالسَّجْدَةِ فَيَسْجُدُ بنَا، حتَّى ازْدَحَمْنَا عِنْدَهُ، حتَّى ما يَجِدُ أحَدُنَا مَكَانًا لِيَسْجُدَ فيه في غيرِ صَلَاةٍ)،[٥] بينما رأى الحنفيّة ومن وافقهم؛ أن سجود التلاوة واجب، والقارئ والمستمع فيه سواء.[٦]


أمّا عن فضل هذا السجود؛ ففيه الاستجابة لأمر الله -تعالى-، وفيه إذلال للشيطان، كما أنّ السجود على وجه العموم سبب لدخول الجنّة؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: (إذا قَرَأَ ابنُ آدَمَ السَّجْدَةَ، فَسَجَدَ اعْتَزَلَ الشَّيْطانُ يَبْكِي، يقولُ: يا ويْلَهُ، وفي رِوايَةِ أبِي كُرَيْبٍ: يا ويْلِي، أُمِرَ ابنُ آدَمَ بالسُّجُودِ، فَسَجَدَ فَلَهُ الجَنَّةُ، وأُمِرْتُ بالسُّجُودِ فأبَيْتُ فَلِيَ النَّارُ. وفي رواية: فَعَصَيْتُ فَلِيَ النَّارُ).[٧][٣]


شروط سجود التلاوة

اشترط الفقهاء عدّة شروط لسجود التلاوة؛ معتبرين أنّ شروط صحّة هذا السجود مشابهة لشروط صحّة الصلاة؛ لكونه صلاة، أو جزءًا منها، أو في معناها؛ ويمكن بيان هذه الشروط على النحو الآتي:[٨]

  • الطهارة من الحدث، والخبث في البدن، والثوب، والمكان.
  • دخول الوقت؛ ويحصل ذلك عند جمهور الفقهاء بقراءة جميع آية السجدة أو سماعها؛ فلو سجد قبل تمام الآية، ولو بحرف لم يصحّ السجود.
  • الكفّ عن مفسدات الصلاة؛ من قول أو فعل.

المراجع

  1. عبد الرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 421-422، جزء 1. بتصرّف.
  2. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 214-215، جزء 24. بتصرّف.
  3. ^ أ ب محمد بن إبراهيم التويجري، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة، صفحة 556. بتصرّف.
  4. محمد صبحي حلاق، اللباب في فقه السنة والكتاب، صفحة 176. بتصرّف.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:575، صحيح متفق عليه.
  6. الشاشي، أبو بكر، حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء، صفحة 146، جزء 2. بتصرّف.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:81، صحيح.
  8. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 214-215، جزء 24. بتصرّف.