حكم إمامة الصبي

أجمع العلماء على صحّة اقتداء البالغ بالإمام البالغ وائتمام الصبي بالإمام الصبي في الفرائض والنوافل من الصلوات على حدٍ سواءٍ، إلّا أنّهم اختلفوا في صحّة اقتداء البالغ بالصبي وفي حكم إمامة الصبي، وذهبوا في ذلك إلى قولَين بيانهما آتياً:[١][٢]


عدم جواز إمامة الصبي

قال جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والحنابلة بعدم جواز إمامة الصبي، فقد اشترطوا لصحّة إمامة صلاة الفرض أن يكون الإمام بالغاً، فلا تصحّ إمامة الصبي المميز بالبالغ، لأنّ الإمامة من المهام التي لا بدّ فيها من الكمال والصبي ليس من أهل الكمال، كما أنّ الإمام يضمن صلاة المأمومين والصبي ليس من أهل الضمان، وقد يقع منه الخطأ في القراءة أو في أفعال الصلاة، أمّا في صلوات النوافل فقال كلٌّ من المالكية والحنابلة بجواز إمامة الصبي؛ كصلاة الكسوف وصلاة التراويح وغيرها من النوافل التي تؤدّى جماعةً، أمّا الحنفيّة فقالوا بعدم جواز إمامة الصبي في الفريضة أو النوافل على حدٍ سواءٍ، استدلالاً بما ورد عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (رُفِعَ القلمُ عن ثلاثةٍ: عنِ المجنونِ المغلوبِ على عقلِهِ حتَّى يُفيقَ، وعنِ النَّائمِ حتَّى يستيقظَ، وعنِ الصَّبيِّ حتَّى يحتلمَ)،[٣] فالصبي غير مكلفٍ فلا يتحمّل مسؤولية الإمامة، والعدالة شرطٌ من شروط الإمامة ولا تتحقّق بالصبي، والصبي غير مأمورٍ بالصلاة ولذلك فإنّ إمامته لا تصحّ.[٤][١][٢]


جواز إمامة الصبي

قال الشافعية بجواز إمامة الصبي في الفرائض والنوافل على حدٍ سواءٍ، فلم يشترطوا البلوغ في الإمام، وقد استدلّوا بما ورد عن الصحابيّ الجليل عمرو بن سلمة -رضي الله عنه- أنّه قال: (لمَّا رجعَ قَومي مِن عِندِ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ، قالوا : إنَّهُ قالَ ليؤمَّكُم أكثرُكُم قِراءةً للقُرآنِ قالَ فدَعَوني فعلَّموني الرُّكوعَ والسُّجودَ فَكُنتُ أصلِّي بِهِم وَكانَت عليَّ بُردَةٌ مَفتوقةٌ فَكانوا يَقولونَ لأبي ألا تُغطِّي عنَّا استَ ابنِكَ)،[٥] فالحديث يدلّ على مشروعيّة إمامة الصبي، قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: "وفي الحديث حُجّة للشافعيّة في إمامة الصبيّ المميّز في الفريضة، وهي خلافيّة مشهورة ولم يُنصف من قال إنّهم فعلوا ذلك باجتهادهم، ولم يطّلع النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- على ذلك لأنّها شهادة نفي، ولأنّ زمن الوحي لا يقع التقرير فيه على ما لا يجوز"، وقال العلّامة ابن باز -رحمه الله-: "لا بأس بإمامة الصبي إذا كان قد أكمل سبع سنين أو أكثر وهو يُحسن الصلاة؛ لأنّه ثبت عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- ما يدلّ على ذلك، ولكنّ الأفضل أن يختار الأقرأ من الجماعة، فإن كانوا في القراءة سواءً فأعلمهم بالسُّنة، فإن كانوا في السنة سواءٍ فأقدمهم هجرةً، فإن كانوا في الهجرة سواءً فأكبرهم سناً كما صحّ ذلك عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-".[١][٢]


المراجع

  1. ^ أ ب ت "امامة الصبي"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 25/11/2021. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت %1$s&ampshare=https://islamqa.info/ar/answers/155061/الصبي-اذا-لم-يبلغ-الحلم-هل-يصح-ان-يكون-اماما-في-الصلاة "حكم امامة الصبي"، اسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 25/11/2021. بتصرّف.
  3. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:4401 ، صحيح.
  4. عبد الحي يوسف، دروس الشيخ عبد الحي يوسف، صفحة 5. بتصرّف.
  5. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن عمرو بن سلمة، الصفحة أو الرقم:766، صحيح.