إنّ للإمامة في الصلاة منزلةً وقدرًاعظيمًا؛ فقد تولّى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- والخلفاء الراشدون من بعده الإمامة في الصلاة بأنفسهم،[١] والأفضليّة في الإمامة تكون لأكثر الناس إتقانًا لقراءة القرآن الكريم وتلاوته؛ وذلك لقول النبيّ عليه الصلاة والسلام: "يَؤُمُّ القَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ"،[٢][٣] وللإمامة شروطٌ بيّنها الفقهاء، وفيما يلي ذكرها وبيانها.


ما هي شروط الإمامة في الصلاة؟

لا بُدّ من توافر جملةٍ من الشروط في الإمام حتّى تصح إمامته في الصلاة وفيما يلي بيان هذه الشروط وتفصيلها.[٤]


الإسلام

فالإسلام أوّل شرطٍ الإمامة؛ فلا تصحّ الإمامة في الصلاة إلّا من المسلم؛ لكون الإمامة عبادةً من العبادات، ولا تصحّ العبادات إلّا من مسلمٍ.[٤]


العقل

العقل شرطٌ من شروط صحّة الإمامة؛ فلا تصحّ إمامة فاقد العقل كالمجنون، والمعتوه، والسكران، ففاقد العقل لا تصحّ صلاته لنفسه، فمن بابٍ أولى ألّا تصحّ إمامته وصلاته في غيره.[٤]


البلوغ

وهو شرطٌ عند الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة على تفصيلٍ بينهم؛ فلا تصحّ الإمامة من الصبيّ مطلقًا، سواءً في صلاة الفريضة أم صلوات النوافل عند الحنفية، وذهب المالكيّة إلى القول بعدم صحّة إمامة الصبي في الفرائض وجوازها في النوافل، وقال الحنابلة بصحّة إمامته في النوافل لمثله؛ أي إمامة الصبي بصبيانٍ مثله، وقولهم بعدم صحة الإمامة من الصبي راجعٌ لكون الإمامة من أحوال الكمال، والصبي ليس من أهل الكمال، كما أنّه قد يقع منه الخطأ في القراءة أو بأركان الصلاة، أمّا الشافعية فذهب إلى القول بجواز إمامة الصبي وصلاته في البالغين، وذهبوا كذلك إلى صحّة إمامة الصبي في صلاة الجمعة مع الكراهة.[٤]


الذكورة

فالإمامة للصلاة بالرجال لا تصحّ إلّا من ذَكرٍ، سواءً في صلاة الفرض أم في النوافل، أمّا إمامة المرأة وصلاتها بالنساء؛ فقد اختلف الفقهاء فيها على أقوالٍ، وبيانها على النحو الآتي:[٤]

  • الحنفية: قالوا بكراهة صلاة الجماعة للنساء فقط دون رجال، استدلالاً بما ورد أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (صلاةُ المرأةِ في بيتِها أفضلُ من صلاتِها في حجرتِها وصلاتُها في مَخدعِها أفضلُ من صلاتِها في بيتِها)،[٥] وتُستثنى من ذلك صلاة الجنازة؛ فتصحّ فيها جماعة النساء دون رجال وتقف المرأة الإمام وسط النساء؛ لأنّ صلاة الجنازة لا تُكرّر.
  • المالكية: قالوا بعدم صحّة صلاة الجماعة للنساء، ولا بدّ أن يكون الإمام ذكراً.
  • الشافعية والحنابلة: قالوا بصحّة إمامة المرأة لجماعة النساء، وقال الشافعية باستحباب جماعة النساء على أن تقف المرأة الإمام وسط النساء.


الطهارة

فيُشترط في الإمام أن يكون طاهراً على تفصيلٍ بين العلماء بيانه آتياً:

  • جمهور العلماء من الحنفية والشافعية والحنابلة: فلا يصحّ من الإمام أداء الصلاة من غير طهارةٍ سواءً كان عالماً بعدم طهارته أم ناسياً.
  • المالكية: فلا تصحّ صلاة الإمام وصلاة مَن اقتدى به إن تعمّد الإمام أداء الصلاة على غير طهارةٍ، أمّا إن كان ناسياً ولم يعلم بعدم طهارته إلّا بعد الصلاة؛ فصلاته وصلاة مَن اقتدى به صحيحةٌ.


القدرة على القراءة والإتيان بأركان الصلاة

وقد فصّل العلماء في ذلك على النحو الآتي:

  • جمهور العلماء من الحنفية والشافعية والحنابلة: قالوا إنّ الإمام يجب أن يكون قادراً على قراءة ما لا تصحّ الصلاة إلّا به، كما يجب أن يكون قادراً على أداء أركان الصلاة، فلا تصحّ إمامة القارئ بالأُميّ، ولا إمامة الأخرس ولو كان المُقتدين به مثله.
  • المالكية: قالوا إنّ الإمام يجب أن يكون قادراً على أداء أركان الصلاة، وإن عجز عن ركنٍ منها فلا يصحّ الاقتداء به إلّا إن كان المُقتدين به مثله، فتصحّ إمامة الأُميّ بمثله.


الاستقلال في الإمامة

فلا تصحّ الإمامة من المأموم أو المُقتدي، فلا بدّ أن يكون الإمام مستقلاً.

المراجع

  1. الفقه الإسلامي/فضل الإمامة:/i582&d918306&c&p1 "فضل الإمامة"، نداء الإيمان، اطّلع عليه بتاريخ 30/3/2021. بتصرّف.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عقبة بن عمرو، الصفحة أو الرقم:673، صحيح.
  3. سعيد بن وهف القحطاني، الإمامة في الصلاة، صفحة 7. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت ث ج وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 1196-1192. بتصرّف.
  5. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:570، صحيح.