الصلاة صحيحةٌ عند المالكية إن كانت سريةً وأدّاها المصلّي جهريةً، أي إن كانت تؤدّى بصوتٍ منخفضٍ وأدّاها بصوتٍ مرتفعٍ، ولا يترتّب على المصلّي حينها إلّا أداء سجود السهو بعد السلام سنةً ولا يجب عليه، وإن ترك السجود فلا إثم أو حرج عليه أيضاً.[١]
حكم الجهر والإسرار في الصلاة عند المالكية
بيّن المالكية حكم الجهر والإسرار في كلّ من الصلوات المفروضة وصلوات النوافل وبيان ما ذهبوا إليه آتياً:
- حكم الجهر والإسرار في الصلوات المفروضة: ذهب المالكية إلى أنّه يُسنّ رفع الصوت في الصلوات الجهرية وخفضه في السرية من الصلوات الخمس المفروضة، أي أنّ المصلّي يرفع صوته في كلٍّ من: صلاة الفجر والركعتَين الأولى والثانية من صلاتي المغرب والعشاء، ويُخفض الصوت في غيرها.[٢]
- حكم الجهر والإسرار في صلوات النوافل: قال المالكية إنّه يُندب رفع الصوت في صلوات النوافل التي تؤدّى ليلاً، وخفضه في النوافل التي تؤدّى نهاراً إلّا إن كان لتلك النوافل خطبةً؛ فيندب حينها رفع الصوت بها؛ كصلاة العيد وصلاة الاستسقاء.[٣]
أدلة الجهر والإسرار في الصلاة
وردت عدّة أدلةٍ تدلّ على الجهر والإسرار في الصلاة بيان بعضٍ منها آتياً:[٤]
- أمر الله -تعالى- باتّباع ما ورد عن رسوله -صلّى الله عليه وسلّم-، قال -عزّ وجلّ-: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّـهَ كَثِيرًا).[٥]
- أمر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- المسلمين بأداء الصلاة كما كان يؤديها، قال -عليه السلام-: (صَلُّوا كما رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي)،[٦] وقد نُقل بالتواتر أنّه كان يرفع صوته في صلاة الفجر والركعتَين الأولى والثانية من صلاتي المغرب والعشاء، ويخفض صوته فيما عداها من الصلوات.
- وردت عدّة أحاديث نبويةٍ صحيحةٍ تُثبت أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- كان يجهر في الصلوات الجهرية ويُسرّ في السريّة منها، ومن تلك الأحاديث:
- أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن جُبير بن مطعم -رضي الله عنه-: (سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: قَرَأَ في المَغْرِبِ بالطُّورِ).[٧]
- أخرج البخاري عن البراء بن عازب -رضي الله عنه-: (سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقْرَأُ في العِشَاءِ: والتِّينِ والزَّيْتُونِ فَما سَمِعْتُ أحَدًا أحْسَنَ صَوْتًا أوْ قِرَاءَةً منه).[٨]
- أخرج البخاري في صحيحه عن خّباب بن الأرت -رضي الله عنه- أنّه سُئل: (أَكانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقْرَأُ في الظُّهْرِ والعَصْرِ؟ قالَ: نَعَمْ، قُلْنَا: بمَ كُنْتُمْ تَعْرِفُونَ ذَاكَ؟ قالَ: باضْطِرَابِ لِحْيَتِهِ).[٩]
- أجمع المسلمون على أنّه يُسنّ رفع الصوت في صلاة الفجر والركعتَين الأولى والثانية من صلاتي المغرب والعشاء ويُسرّ في غير ذلك، ونقل الإمام النووي الإجماع قائلاً: (فَالسُّنَّةُ الْجَهْرُ فِي رَكْعَتِي الصُّبْحِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَفِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، وَالْإِسْرَارُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَثَالِثَةِ المغرب، والثالثة وَالرَّابِعَةِ مِنْ الْعِشَاءِ، وَهَذَا كُلُّهُ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْمُتَظَاهِرَةِ عَلَى ذَلِكَ).
المراجع
- ↑ "حكم جهر الإمام في موضع الإسرار"، دار الإفتاء الأردنية، 17/8/2015، اطّلع عليه بتاريخ 5/10/2021. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 50. بتصرّف.
- ↑ عبد الرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 237. بتصرّف.
- ↑ محمد صالح المنجد (21/10/2014)، "الأدلة على الجهر والإسرار في الصلوات الخمس"، إسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 5/10/2021. بتصرّف.
- ↑ سورة الأحزاب، آية:21
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن مالك بن الحويرث، الصفحة أو الرقم:6008، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جبير بن مطعم، الصفحة أو الرقم:765، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم:7546، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن خباب بن الأرت، الصفحة أو الرقم:746، صحيح.