ما هي صلاة الوحشة؟
صلاة الوحشة هي: صلاةٌ غير مشروعةٍ يؤديها البعض في الليلة الأولى للميت في قبره ظنّاً منهم أنّها ترحمه وتخفّف عنه، وتسمّى أيضاً صلاة الأُنس في القبر.[١]
ما حكم صلاة الوحشة؟
صلاة الوحشة لا تجوز، فهي من الصلوات المبتدعة في الدٍّين، فلم يثبت عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- تحديد صلاةٍ معينةٍ بقراءةٍ معيّنةٍ تؤدّى بعد دفن الميت للتخفيف عنه ورحمته، ولا يصحّ الاستدلال بالحديث: (لا يأتي على الميِّت ساعةٌ أشدُّ من أوَّل ليلة؛ فارحموا موتاكم بالصدقة، فإن لم تجدوا فليصلِّ أحدكم ركعتين: يقرأ في الأولى بفاتحة الكتاب مرَّة، وقل هو الله أحد مرتين، وفي الثانية بفاتحة الكتاب مرة، وألهاكم التكاثر عشر مرات، ويسلِّم ويقول: اللهم صلِّ على محمد وآل محمد، وابعث ثوابهما إلى قبر ذلك الميت فلان بن فلان، فيبعث الله من ساعته ألف ملَك إلى قبره، مع كلِّ ملَك ثوب وحُلَّة، ويوسَّع في قبره من الضيق إلى يوم ينفخ في الصور، ويُعطى المصلِّي بعدد ما طلعت عليه الشمس حسنات، وتُرفع له أربعون درجة)، فذلك من الأحاديث المكذوبة على النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، ولم يُذكر في مصنفات السنة النبوية، كما لم تُنقل مشروعية صلاة الوحشة عن أحدٍ ولو أنّها مشروعةٌ لذُكرت ونُقلت.[١][٢][٣]
أعمالٌ تنفع الميت
لا ينفع الميت بعد موته إلّا أعماله التي قدّمها في حياته، بالإضافة إلى أعمالٍ محدّدةٍ دلّت عليها نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية بيانها آتياً:[٤]
- الدعاء له: وهو من أهمّ الأعمال التي ينتفع الميت بها، ويُشرع الدعاء له عند إنزاله في القبر، وبعد الانتهاء من دفنه، وعند زيارة قبره، ورد عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (كانَ إذا فرغَ مِن دَفنِ الميِّتِ وقفَ عليهِ فقالَ استغفِروا اللَّهَ لأخيكُم وسلوا لَه التَّثبيتَ فإنَّهُ الآنَ يُسألُ).[٥]
- أداء ديونه: فلا بدّ من أداء ديون الميت إن وُجدت، وتسقط عنه بذلك، سواءً قُضيت من أمواله التي تركها أو من غيرها أو سامحه أصحاب الأموال والحقوق، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (نفس المؤمن مُعَلّقة بدَيْنِه حتى يُقْضى عنه)،[٦] قال الإمام الصنعاني شارحاً الحديث: (وهذا الحديثُ من الدَّلائلِ على أنَّه لا يزال الميتُ مشغولاً بدَيْنِه بعد موتِه، ففيه حثٌّ على التخلُّصِ منه قبل الموت، وأنَّه أهمُّ الحقوق).
- الوفاء بنذره: فقد ثبت في الصحيح عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: (أنَّ امْرَأَةً جاءَتْ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَتْ: إنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أنْ تَحُجَّ فَماتَتْ قَبْلَ أنْ تَحُجَّ، أفَأَحُجَّ عَنْها؟ قالَ: نَعَمْ، حُجِّي عَنْها، أرَأَيْتِ لو كانَ علَى أُمِّكِ دَيْنٌ أكُنْتِ قاضِيَتَهُ؟، قالَتْ: نَعَمْ، فقالَ: اقْضُوا اللَّهَ الذي له، فإنَّ اللَّهَ أحَقُّ بالوَفاءِ).[٧]
- قضاء الصيام عنه: فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: (جَاءَ رَجُلٌ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، أفَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فَدَيْنُ اللَّهِ أحَقُّ أنْ يُقْضَى).[٨]
- التصدق عنه: فالصدقة عن الميت مستحبةٌ ويصل ثوابها وأجرها إليه، فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن عائشة -رضي الله عنها-: (أنَّ رَجُلًا قالَ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا، وأَظُنُّهَا لو تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، فَهلْ لَهَا أجْرٌ إنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا؟ قالَ: نَعَمْ).[٩]
- الحج والعمرة: فقد أخرج البخاري عن عبد الله بن عباس: (كانَ الفَضْلُ رَدِيفَ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِن خَثْعَمَ، فَجَعَلَ الفَضْلُ يَنْظُرُ إلَيْهَا وتَنْظُرُ إلَيْهِ، وجَعَلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصْرِفُ وجْهَ الفَضْلِ إلى الشِّقِّ الآخَرِ، فَقالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ علَى عِبَادِهِ في الحَجِّ أدْرَكَتْ أبِي شيخًا كَبِيرًا لا يَثْبُتُ علَى الرَّاحِلَةِ؛ أفَأَحُجُّ عنْه؟ قالَ: نَعَمْ. وذلكَ في حَجَّةِ الوَدَاعِ).[١٠]
المراجع
- ^ أ ب "ما صحة ما يعرف ب صلاة الأنس في القبر"، إسلام ويب، 11/8/2008، اطّلع عليه بتاريخ 5/10/2021. بتصرّف.
- ↑ "حديث صلاة الوحشة"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 5/10/2021. بتصرّف.
- ↑ محمد صالح المنجد (17/8/2013)، "صلاة الوحشة صلاة مبتدعة، لا تجوز صلاتها، ويجب النهي عنها "، إسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 5/10/2021. بتصرّف.
- ↑ "ماذا ينفع العبد بعد موته؟"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 5/10/2021. بتصرّف.
- ↑ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم:6739، حسن.
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1079، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:7315، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1953، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1388، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1513، صحيح.