سجود التلاوة
سجود التلاوة هو: السجود الذي يؤدّى بسبب تلاوة آيةٍ من آيات القرآن ورد فيها لفظ السجود، أو الاسمتاع إليها.[١]
ما الحكمة من سجود التلاوة؟
شُرع سجود التلاوة تحقيقاً للعديد من الأمور، بيان البعض منها آتياً:[٢]
- تربية المسلم تربيةً روحيةً وعمليةً؛ بقراءته للقرآن وتلاوة آياته والتعلّق بها رُوحياً، وتطبيق ما نصّت عليه من الأوامر عملياً.
- اختبار المسلم ومعرفة قدرته واستعداده لاستجابة أوامر الله -سبحانه- وتطبيقها عملياً؛ خضوعاً وذُلّاً له -سبحانه-.
- تشبيه المسلم دائم السجود لله -تعالى- والاستجابة لأوامره بالملأ الأعلى الذين لا يحيدون عن أمر ربّهم ويسجدون له دائماً، قال -تعالى-: (إِنَّ الَّذينَ أوتُوا العِلمَ مِن قَبلِهِ إِذا يُتلى عَلَيهِم يَخِرّونَ لِلأَذقانِ سُجَّدًا*وَيَقولونَ سُبحانَ رَبِّنا إِن كانَ وَعدُ رَبِّنا لَمَفعولًا*وَيَخِرّونَ لِلأَذقانِ يَبكونَ وَيَزيدُهُم خُشوعًا)،[٣] وقال أيضاً: (إِنَّ الَّذينَ عِندَ رَبِّكَ لا يَستَكبِرونَ عَن عِبادَتِهِ وَيُسَبِّحونَهُ وَلَهُ يَسجُدونَ).[٤]
حكم سجود التلاوة
بيّن وفصّل العلماء في حكم سجود التلاوة لكلٍّ من القارئ والمستمع (وهو مَن يستمع بإصغاءٍ وانتباهٍ) والسامع (مَن يسمع دون إصغاءٍ أو انتباهٍ) وبيان ما ذهبوا إليه آتياً:[٥]
- جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة: قالوا إنّ سجود التلاوة سنةٌ في حقّ كلٍّ من القارئ والمستمع، أمّا السامع فسنةٌ في حقّه عند الشافعية، وغير مشروعٍ عند المالكية والحنابلة، استدلالاً بعدّة أدلةٍ بيان البعض منها آتياً:
- أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه-: (قَرَأْتُ علَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والنَّجْمِ فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا)،[٦] فلو كان سجود التلاوة واجباً لما تركه.
- أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه عن ربيعة بن عبدالله بن الهدير -رضي الله عنه- أنّ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: (قَرَأَ يَومَ الجُمُعَةِ علَى المِنْبَرِ بسُورَةِ النَّحْلِ حتَّى إذَا جَاءَ السَّجْدَةَ نَزَلَ، فَسَجَدَ وسَجَدَ النَّاسُ حتَّى إذَا كَانَتِ الجُمُعَةُ القَابِلَةُ قَرَأَ بهَا، حتَّى إذَا جَاءَ السَّجْدَةَ، قالَ: يا أيُّها النَّاسُ إنَّا نَمُرُّ بالسُّجُودِ، فمَن سَجَدَ، فقَدْ أصَابَ ومَن لَمْ يَسْجُدْ، فلا إثْمَ عليه ولَمْ يَسْجُدْ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عنْه).[٧]
- الحنفية: قالوا إنّ سجود التلاوة واجبٌ في حقّ كلٍّ من القارئ والمستمع والسامع، استدلالاً بعدّة أدلةٍ بيان البعض منها آتياً:
- الذمّ واللوم على تارك سجود التلاوة يدلّ على وجوبه كما ورد في قول الله -تعالى-: (فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ*وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ).[٨]
- الأمر بالسجود الوارد في عدّة آياتٍ قرآنيةٍ، منها: قول الله -تعالى-: (فَاسْجُدُوا لِلَّـهِ وَاعْبُدُوا)،[٩] وقوله: (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب).[١٠]
- الأمر بالسجود الوارد في عدّة أحاديث نبويةٍ، والأمر يدلّ على الوجوب، ومن تلك الأحاديث: ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (إذا قَرَأَ ابنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ اعْتَزَلَ الشَّيْطانُ يَبْكِي، يقولُ: يا ويْلَهُ، وفي رِوايَةِ أبِي كُرَيْبٍ: يا ويْلِي، أُمِرَ ابنُ آدَمَ بالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الجَنَّةُ، وأُمِرْتُ بالسُّجُودِ فأبَيْتُ فَلِيَ النَّارُ).[١١]
المراجع
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 212. بتصرّف.
- ↑ "سجود التلاوة .. حكمه وحكمته"، إسلام اون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 23/3/2021. بتصرّف.
- ↑ سورة الإسراء، آية:107-109
- ↑ سورة الأعراف، آية:206
- ↑ صالح اللاحم، سجود التلاوة وأحكامه، صفحة 20-39. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن زيد بن ثابت، الصفحة أو الرقم:1073، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن ربيعة بن عبدالله بن الهدير، الصفحة أو الرقم:1077، صحيح.
- ↑ سورة الانشقاق، آية:20-21
- ↑ سورة النجم، آية:62
- ↑ سورة العلق، آية:19
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:81، صحيح.