سجود التلاوة

سجود التلاوة هو: السجود على أعضاءٍ مخصوصةٍ بكيفيةٍ مخصوصةٍ بخصوعٍ وذلٍّ بسبب تلاوة وقراءة آيةٍ من آيات القرآن الكريم التي ورد فيها لفظ السجود، أو الاستماع إليها،[١] فسجود التلاوة يؤدّى بسبب تلاوة آيات القرآن الكريم؛ وسمّي بذلك من إضافة الشيء إلى سببه؛ أي إضافة السجود إلى سبب التلاوة أو الاستماع.[٢]


ما حكم سجود التلاوة للحائض؟

اختلف العلماء في حكم أداء الحائض لسجود التلاوة، بناءً على اختلافهم في الاشتراط لسجود التلاوة ما يُشترط للصلاة من الطهارة، وستر العورة، واستقبال القبلة، فمَن اشترط الأمور سابقة الذِّكر في سجود التلاوة قال بعدم جواز سجود التلاوة للحائض، ومَن لم يشترطها لسجود التلاوة قال بجواز أداء سجود التلاوة للحائض، وبيان خلاف العلماء آتياً:[٣]

  • جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة: قالوا باشتراط الطهارة وستر العورة واستقبال القبلة في سجود التلاوة، فلا يجوز للحائض أداؤه، استدلالاً بعدّة أدلةٍ بيانها آتياً:
  • أنّ سجود التلاوة صلاةٌ، فقد اُطلق لفظ السجود على الصلاة في الشَّرع، فحكمه حكم الصلاة، ومن النصوص التي ورد فيه إطلاق السجود على الصلاة: ما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما-: (صَلَّيْتُ مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وسَجْدَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ، وسَجْدَتَيْنِ بَعْدَ المَغْرِبِ، وسَجْدَتَيْنِ بَعْدَ العِشَاءِ، وسَجْدَتَيْنِ بَعْدَ الجُمُعَةِ، فأمَّا المَغْرِبُ والعِشَاءُ فَفِي بَيْتِهِ).[٤]
  • أنّ الإمام القرطبيّ -رحمه الله- قال: (لا خلاف في أنّ سجود القرآن يحتاج إلى ما تحتاج إليه الصلاة من طهارة حدثٍ ونجسٍ إلّا ما ذكره البخاري عن عبدالله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أنّه كان يسجد على غير طهارةٍ، وذكره ابن المنذر عن الشعبي).
  • ابن عمر وابن حزم والشعبي وابن المسيب وابن القيم وابن تيمية: قالوا بعدم اشتراط الطهارة لسجود التلاوة، فيجوز للحائض أداؤه، استدلالاً بما يأتي:
  • عدم ورود أي دليلٍ على وجوب الطهارة لسجود التلاوة، ولذلك فالأصل عدم الطهارة ما لم يرد دليلٌ يشترطها.
  • ما أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما-: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَجَدَ بالنَّجْمِ، وسَجَدَ معهُ المُسْلِمُونَ والمُشْرِكُونَ والجِنُّ والإِنْسُ)،[٥] وبيّن ابن حجر -رحمه الله- وجه الاستدلال من الحديث السابق بقوله استبعاد أن يكونوا كلّ الحاضرين على طهارةٍ؛ إذ إنّهم لم يستعدّوا لقراءة القرآن، كما صرحّ الحديث بسجود المشركين والجنّ والإنس رغم أنّ الوضوء لا يصحّ منهم، أي أنّ كل الحاضرين سجدوا سواءً مَن صحّ منهم السجود ومَن لم يصحّ.
  • ما أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما-: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقْرَأُ السَّجْدَةَ ونَحْنُ عِنْدَهُ، فَيَسْجُدُ ونَسْجُدُ معهُ، فَنَزْدَحِمُ حتَّى ما يَجِدُ أحَدُنَا لِجَبْهَتِهِ مَوْضِعًا يَسْجُدُ عليه)،[٦] وقال ابن القيّم -رحمه الله- موضّحاً وجه الدلالة من الحديث السابق: (المسلمون الذين سجدوا معه -صلّى الله عليه وسلّم - لم يُنقل أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أمرهم بالطهارة، ولا سألهم هل كنتم متطهّرين أم لا؟ ولو كانت الطهارة شرطاً فيه للزم أحد الأمرين: إمّا أن يتقدّم أمره لهم بالطهارة، وإمّا أن يسألهم بعد السجود؛ ليبين لهم الاشتراط، ولم ينقل مسلمٌ واحداً منهما).


المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 212. بتصرّف.
  2. صالح اللاحم، سجود التلاوة وأحكامه، صفحة 17. بتصرّف.
  3. دبيان الدبيان، موسوعة أحكام الطهارة، صفحة 359-353. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1172، صحيح.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1071، صحيح.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1076، صحيح.