الجهر في الصلوات

مسألة الجهر في الصلاة بحثها أهل العلم قديماً، وفصّلوا الكلام فيها نظراً لتنوّع أقسام الصلاة بين كونها فريضة أو تطوّعاً، فضلاً عن كون المصلّي إماماً أم منفرداً، وفيما يأتي خلاصة ما ذهبوا إليه.


الجهر في الصلوات المفروضة

الصلاة المفروضة التي يُجهر بها هي:[١]

  • صلاة الفجر.
  • صلاة الجمعة.
  • أوّل ركعتين من صلاة المغرب.
  • أوّل ركعتين من صلاة العشاء.


مع الإشارة إلى أنّ موضع الجهْر يكون في قراءة سورة الفاتحة وفي السورة أو الآيات التي تليها، أمّا الصلوات المفروضة التي لا يجهر فيها المصلّي فهي ما عدا المذكور، وهي، صلاتا الظهر والعصر، والرّكعة الثالثة من صلاة المغرب، وآخر ركعتين من صلاة العشاء.


حكم وأدلة الجهر في الصلوات المفروضة

جمهور الفقهاء على أنّه يسنُّ للمصلي أنْ يجهر بالقراءة في الصلاة الجهرية، ويسرّ في الصلوات السّرية التي سبق الإشارة إليها؛ ومن جملة ما استدلّوا عليه ما يأتي:[٢]

  • عن جبير بن مطعم -رضي الله عنه- قال: (سَمِعْتُ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يَقْرَأُ في المَغْرِبِ بالطُّورِ).[٣]
  • عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: (سَمِعْتُ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يَقْرَأُ: والتِّينِ والزَّيْتُونِ في العِشاءِ، وما سَمِعْتُ أحَدًا أحْسَنَ صَوْتًا منه أوْ قِراءَةً).[٤]


ومن جملة ما استدلّوا عليه للإسرار في صلاتي الظهر والعصر ما صحّ أنّ خباباً -رضي الله عنه- سُئِل: (أكانَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يَقْرَأُ في الظُّهْرِ والعَصْرِ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: قُلتُ: بأَيِّ شيءٍ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ قِرَاءَتَهُ؟ قالَ: باضْطِرَابِ لِحْيَتِهِ).[٥]


الجهر في الصلوات غير المفروضة

اتّفق جمهور أهل العلم على أنّه يسنّ الجهر في صلاة العيدين وصلاة التّراويح وفي وتر رمضان، أمّا الجهر في النّوافل الأخرى فللعلماء فيها تفصيل على النّحو الآتي:[٦]


  • مذهب الحنفية

وجوب الجهر على الإمام في ركعات الوتر في رمضان، وفي صلاة العيدين، وفي التراويح، وقالوا بوجوب الإسرار للإمام والمنفرد في النوافل النهارية وصلاة الكسوف وصلاة الاستسقاء، وبالنسبة لنوافل الليل فهو مخير فيها بين الإسرار والجهر.


  • مذهب المالكية

يستحبّ الجهْر في جميع صلوات النّوافل الليلية، كما يستحبّ الإسرار في جميع صلوات النوافل النهارية؛ باستثناء صلاة النافلة التي لها خطبة؛ مثل: صلاة العيد وصلاة الاستسقاء، فهذه الصلوات الجهر فيها مستحبٌ، ويندب للمأموم الإسرار فيها.


  • مذهب الشافعية

يسنّ الجهر في صلاة العيدين وصلاة الخسوف وصلاة الاستسقاء وصلاة التراويح ووتر رمضان؛ كما يستحبّ الجهر في ركعتي الطّواف إذا كانت في الليل إلى وقت صلاة الصبح.


وفي نوافل الليل المطلقة يستحبّ عند الشافعية التّوسّط فيها بين الجهر والإسرار، ويقصدون بالتّوسّط: أنْ يجهر أحياناً، ويسرّ أحياناً أخرى، اتّباعاً لهدي النبي -صلى الله عليه وسلّم-، والجهر يكون في حالٍ لا تشويش فيه على نائم أو مُصلٍ ونحو ذلك، وبالنسبة للمرأة يكون الجهر دون جهر الرجل، وجوازه يكون مقترناً بعدم وجود أجانب.


  • مذهب الحنابلة

يسن الجهر في صلاة العيدين وصلاة الاستسقاء وصلاة الكسوف وصلاة التراويح، والوتر إذا كان بعد التراويح، ويسرّ المصلّي فيما عدا ذلك.


الجهر في الصلاة بالنسبة للإمام والمنفرد

ذهب جمهور أهل العلم من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنّه يُسنُّ للإمام الجهر بالقراءة في الصلوات الجهرية؛ وهي: الصبح، والجمعة، وأوّل ركعتين من صلاتي المغرب والعشاء، وذهب الحنفية إلى أنّه يجب على الإمام الجهر فيها، وفي كلّ صلاة من شرطها الجماعة، واستندوا إلى مواظبة النبي -صلى الله عليه وسلم- على فعل ذلك. [٧]


وعند المالكية والشّافعية وقول عند الإمام أحمد أنّه يُسنّ للمنفرد أنْ يجهر في صلاة الفجر وأوّل ركعتين في صلاتي المغرب والعشاء، بينما يرى الحنفية والمعتمد عند الحنابلة أنّ المنفرد يخير فيما يجهر به؛ فإنْ شاء جَهر وإنْ شاء خفتْ.

المراجع

  1. فريق الموقع، "الصلاة السرية والصلاة الجهرية"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 29/4/2023. بتصرّف.
  2. عبد الله الطيار (2012)، الفقه الميسر (الطبعة 2)، الرياض:مدار الوطن، صفحة 289، جزء 1. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جبير بن مطعم، الصفحة أو الرقم:3050، صحيح.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم:769 ، صحيح.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن خباب بن الأرت، الصفحة أو الرقم:761 ، صحيح.
  6. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، دمشق:دار الفكر، صفحة 883-884، جزء 2. بتصرّف.
  7. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة 2)، الكويت:دارالسلاسل، صفحة 183، جزء 16. بتصرّف.