حكم الصلاة في السيارة

أجاز أهل العلم الصلاة في السيارة والقطار والسفينة والطائرة، ونحوها من وسائل النقل وفق ضوابط سيأتي ذكرها؛ قياساً على صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- على ظهر الراحلة؛ فقد ثبت في الصحيح عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنّه قال: (كانَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يُصَلِّي علَى رَاحِلَتِهِ، حَيْثُ تَوَجَّهَتْ فَإِذَا أرَادَ الفَرِيضَةَ نَزَلَ فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ).[١][٢]


كما ثبت في رواية أخرى عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّه قال: (كانَ النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يُصَلِّي في السَّفَرِ علَى رَاحِلَتِهِ، حَيْثُ تَوَجَّهَتْ به يُومِئُ إيمَاءً صَلَاةَ اللَّيْلِ، إلَّا الفَرَائِضَ، ويُوتِرُ علَى رَاحِلَتِهِ).[٣][٢]


إلا أنّهم فرّقوا بين صلاة الفريضة وصلاة النافلة، وبين المسافر القادر على استقبال القبلة، والقادر على القيام للركوع والسجود، وبين المسافر الذي لا يستطيع استقبال القبلة، ولا يقدر على القيام للركوع والسجود، ويمكن بيان ذلك على النحو الآتي:


أداء صلاة الفريضة في وسيلة النقل

ذهب أهل العلم إلى القول بأنّ المسافر الذي لا يستطيع النزول من مركوبه -كالسيارة والحافلة والطائرة ونحوها- عند أداء صلاة الفريضة؛ فهذا لا يخلو حاله من أحد هذه الأمور:[٢]

  • أن يستطيع استقبال القبلة، مع القدرة على القيام للركوع والسجود؛ فهذا تلزمه أداء صلاة الفريضة على النحو المعتاد، كما لو كان مستقراً من غير راحلة أو تنقّل.
  • أن يستطيع استقبال القبلة، ولكنّه لا يقدر على القيام للركوع والسجود؛ فهذا يلزمه التوجّه نحو القبلة عند تكبيرة الإحرام، ثم يُكمل أداء الصلاة حسب ما يتوجّه به المركوب، وعند الركوع والسجود يستطيع أن يشير -يومئ- برأسه إلى موضع الركوع أو السجود.
  • أن لا يستطيع استقبال القبلة، ولا الصلاة قائماً بالركوع والسجود؛ فهذا إن كان لا يخشى فوات الفريضة، أو كان هنالك محطة سينزل بها من المركوب جاز له انتظار أداء الصلاة حتى نزوله، فإنّ تعذّر ذلك وخشي فوات الفريضة جاز له الصلاة على المركوب دون استقبال للقبلة، ودون قيام للركوع والسجود؛ بدلالة قوله -تعالى-: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا...)،[٤] وقوله -تعالى-: (... وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ...).[٥][٦]


أداء صلاة النافلة في وسيلة النقل

يُسنّ للمسافر التنفّل -أداء النوافل والسنن- في أثناء سفره وعلى مركوبه، ويسنّ له استقبال القبلة عند تكبيرة الإحرام قدر ما تيسر له ذلك؛ فإنّ تعذّر استقبال القبلة صلّى حيثما توجّه به المركوب.[٧]


ودليل ذلك ما أشرنا إليه من الأحاديث النبويّة السابقة، إضافةً إلى ما ثبت في الصحيح عن أنس بن سيرين، أنّه قال: (اسْتَقْبَلْنَا أنَسَ بنَ مَالِكٍ حِينَ قَدِمَ مِنَ الشَّامِ، فَلَقِينَاهُ بعَيْنِ التَّمْرِ، فَرَأَيْتُهُ يُصَلِّي علَى حِمَارٍ، ووَجْهُهُ مِن ذَا الجَانِبِ -يَعْنِي عن يَسَارِ القِبْلَةِ- فَقُلتُ: رَأَيْتُكَ تُصَلِّي لِغَيْرِ القِبْلَةِ، فَقالَ: لَوْلَا أنِّي رَأَيْتُ رَسولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- فَعَلَهُ لَمْ أفْعَلْهُ).[٨][٩]

المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:400، صحيح متفق عليه.
  2. ^ أ ب ت محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 539-540، جزء 2. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1000، صحيح.
  4. سورة البقرة، آية:286
  5. سورة الحج، آية:78
  6. "الصلاة في السيارة والطائرة"، الإسلام سؤال وجواب، 5/9/2006، اطّلع عليه بتاريخ 10/7/2023. بتصرّف.
  7. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية، صفحة 144، جزء 1. بتصرّف.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:1100، صحيح.
  9. محمد بن محمد المختار الشنقيطي، شرح زاد المستقنع، صفحة 17، جزء 47. بتصرّف.