خلق الله تعالى الإنسان، وجعل في طبيعته البشرية الخطأ والنسيان والسهو، ولأن الصلاة تعد أهم العبادات، وأجلّ القربات، وأعظم مقام يقف فيه العبد بين يدي ربه، حرص الشيطان أن يقوم بإفساد هذا المقام، وهذه المناجاة، بأن يوسوس للمصلي في صلاته، ويمنعه من الخشوع فيها، ممّا يعرّضه ذلك بالوقوع في الخطأ والنسيان، فشرع الله تعالى سجود السهو ليجبر ذلك الخطأ والخلل الذي حصل في الصلاة،[١] وهو عبارة عن سجدتين يسجدهما المصلي عند الانتهاء من الصلاة، سواء قبل السلام أو بعده، وفي المقال سيتم عرض حكم هذه السجود.[٢]


ما حكم سجود السهو؟

تعددت آراء أهل العلم في حكم سجود السهو، بين الوجوب والسنة، وفيما يأتي بيان ذلك:[٣]


الوجوب

  • ذهب الحنفية إلى القول بأن سجود السهو واجب، حيث يجب على المصلي إن نسي أو غفل في صلاته أن يأتي بسجود السهو، ويأثم إن تركه، مع عدم بطلان الصلاة، وهذا في حق الإمام والمنفرد، أما المأموم فلا يجب عليه أن يسجد للسهو، وإنما عليه متابعة إمامه، واستدلوا على ذلك مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام عليه وعدم تركه، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا شَكَّ أحدُكُم في صلاتِهِ فليتحرَّ الصَّوابَ فليُتمَّ عليهِ ثمَّ ليسلِّم ثمَّ ليسجُدْ سَجدتَينِ)،[٤]
  • ذهب الحنابلة إلى القول بوجوب سجود السهو في عدة حالات، في حق الإمام والمنفرد فقط، أما المأموم فيجب عليه متابعة إمامه وبيان حالات وجوب السهو عندهم كما يأتي:
  • كل ما يُبطل الصلاة بتعمّد فعله، سواء كان زيادة أو نقص، مثل ترك ركن فعلي من أركان الصلاة.
  • ترك واجب من واجبات الصلاة سهواً ونسياناً، مثل ترك التسبيح في الركوع والسجود.
  • الشكّ في الصلاة، كمن شكّ بعدد الركعات، أو شكّ بترك ركن.
  • الخطأ في القراءة، الذي يؤدي إلى تغيير المعنى، سواء كان سهواً أو جهلاً.


السنة

  • ذهب كلٌّ من المالكية والشافعية إلى القول بسنية سجود السهو، حيث يستحب للمصلي إن نسي أو غفل في صلاته أن يأتي بسجود السهو، وهذا في حق الإمام والمنفرد، أما المأموم فليس عليه أن يسجد للسهو؛ إذ إن الإمام يتحمّل عنه سهوه ونسيانه، وقال الشافعية أنه يجب على المأموم أن يسجد للسهو في حالة واحدة فقط، وهي أن يتابع إمامه في سجود السهو، فإذا سجد الإمام للسهو وجب على المأموم أن يسجد؛ اقتداءً به، فإذا لم يسجد بطلت صلاته، وعليه إعادتها، إلا إذا علم أن الإمام قد أخطأ في سجوده للسهو فلا يتابعه، ولا يسجد، وإذا ترك الإمام سجود السهو فلا يجب على المأموم أن يسجد، بل يستحب له ذلك.
  • ذهب الحنابلة إلى القول بسنية سجود السهو للإمام والمنفرد إذا قالا قولاً مشروعاً في غير موضعه، غير السلام، كأن يقول التشهد وهو قائم، وقالوا بإباحة الإتيان بسجود السهو إن ترك سنة من سنن الصلاة، وهذا كله بالنسبة للإمام والمنفرد.


المراجع

  1. محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 472. بتصرّف.
  2. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الدرر السنية، صفحة 123. بتصرّف.
  3. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 1105-1108. بتصرّف.
  4. رواه الألباني، في صحيح أبي داوود، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:1020، صحيح.