شُرِعت صلاة الاستخارة في الأمور المُباحة التي يتردّد المسلم بين الإتيان بها، أو تركها؛ ليتعيّن الأمر بعد استخارة الله -سبحانه وتعالى-، ثمّ الاستسلام والخضوع والرضا بِما ييسّره -تعالى-،[١] وهي تُعرَّف بأنّها: الصلاة التي تُؤدّى بكيفيّةٍ مخصوصةٍ؛ لطلب الخيرة والاختيار وصَرف الهمّة إلى ما كتبه الله -تعالى-.[٢]


حُكم صلاة الاستخارة

صلاة الاستخارة سُنّة بإجماع العلماء؛ استدلالاً بما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- أنّه قال: "كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ في الأُمُورِ كُلِّهَا، كَالسُّورَةِ مِنَ القُرْآنِ".[٣][٤]


الحكمة من مشروعيّة صلاة الاستخارة

شُرِعت صلاة الاستخارة؛ تسليماً وخضوعاً لأمر الله -عزّ وجلّ-، ولجوءاً إليه فقط، وخروجاً من شهوات النفس وأهوائها، وتحقيقاً لِما في الدُّنيا والآخرة من النَّفْع والبِرّ والخير، ولا يكون ذلك إلّا بالصلاة والدعاء؛ لِما فيهما من تعظيم لله -سبحانه-، وثناء عليه، وحاجة وافتقار إليه.[٥]


شروط صلاة الاستخارة

تُشترَط لصلاة الاستخارة عدّة أمورٍ، وبيانها فيما يأتي:

  • تكون الاستخارة في الأمور التي لم يعرف العبد وجه الصواب فيها، وقد أجمع العلماء على ذلك، أمّا الأمور التي يُعرَف خيرها؛ كالعبادات، والطاعات، والأعمال الصالحة، إلى جانب الأمور التي يُعرَف شَرّها؛ كالمُحرَّمات، والمعاصي، والمُنكَرات، فلا تُشرَع لها صلاة الاستخارة؛ أي أنّ الاستخارة لا تُشرَع في الأمور الواجبة، ولا المُحرَّمة، ولا المكروهة، وإنّما تُشرَع في الأمور المَسنونة والمُباحة، مع الإشارة إلى أنّ الاستخارة في الأمور المسنونة تكون عند تعارُضها فقط.[٦]
  • يُشترَط لصلاة الاستخارة ما يُشترَط في غيرها من الصلوات؛ من الطهارة، واستقبال القِبلة، وسِتر العَورة؛ فعلى سبيل المثال لا يجوز للحائض أداء صلاة الاستخارة، وإنّما يجوز لها الإتيان بدعاء الاستخارة فقط دون صلاةٍ.[٧]


كيفيّة صلاة الاستخارة

تُؤدّى صلاة الاستخارة ركعتَين، ثمّ يُردَّد دعاء الاستخارة بقول: "اللَّهُمَّ إنِّي أسْتَخِيرُكَ بعِلْمِكَ، وأَسْتَقْدِرُكَ بقُدْرَتِكَ، وأَسْأَلُكَ مِن فَضْلِكَ العَظِيمِ، فإنَّكَ تَقْدِرُ ولَا أقْدِرُ، وتَعْلَمُ ولَا أعْلَمُ، وأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ خَيْرٌ لي في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي - أوْ قالَ: في عَاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ - فَاقْدُرْهُ لِي، وإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ شَرٌّ لي في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي -أوْ قالَ: في عَاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ- فَاصْرِفْهُ عَنِّي واصْرِفْنِي عنْه، واقْدُرْ لي الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ رَضِّنِي به، ويُسَمِّي حَاجَتَهُ".[٣][٨]


ما يُقرَأ في صلاة الاستخارة

تُستحَبّ قراءة سورة الكافرون بعد سورة الفاتحة في الركعة الأولى من صلاة الاستخارة، وقراءة سورة الإخلاص بعد الفاتحة في الركعة الثانية، وهو قول جمهور العلماء من الحنفيّة، والمالكيّة، والشافعيّة، وقد قال الإمام النوويّ -رحمه الله- في ذلك: "نَاسَبَ الإِْتْيَانُ بِهِمَا فِي صَلاَةٍ يُرَادُ مِنْهَا إِخْلاَصُ الرَّغْبَةِ وَصِدْقُ التَّفْوِيضِ وَإِظْهَارُ الْعَجْزِ، وَأَجَازُوا أَنْ يُزَادَ عَلَيْهِمَا مَا وَقَعَ فِيهِ ذِكْرُ الْخِيَرَةِ مِنَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ"، أمّا الحنابلة فلم يتطرّقوا إلى الحديث عمّا يُقرَأ تحديداً في صلاة الاستخارة.[٩]


نتيجة صلاة الاستخارة

لا تتوقّف نتيجة صلاة الاستخارة على أمرٍ ما؛ كالرؤيا، أو غيرها، بل يجدر بالمُسلم بعد أداء صلاة الاستخارة أن يمضيَ في الأمر الذي يُريده؛ فإن كان خيراً يَسَّره الله وأعانه عليه دون مشكلات قد تمنعه أو تُعيق إتمامه -في ما عدا بعض العقبات اليسيرة التي يُمكن حَلّها وتجاوُزها-، وإن لم يكن في الأمر خيرٌ أبعده الله -تعالى-؛ إذ قد تحدث المشاكل وتقع العقبات التي قد تمنع حدوثه وتُعيق إتمامه بشكل كامل.[١٠]


أحكامٌ مُتعلّقةٌ بصلاة الاستخارة

حُكم أداء صلاة الاستخارة في أوقات الكراهة

لا يجوز أداء صلاة الاستخارة في أوقات الكراهة التي نُهِي عن الصلاة فيها؛ لأنّ وقت صلاة الاستخارة واسعٌ، إلّا إن كان هناك أمر ضروريّ لا يُمكن تأجيله؛ فتجوز حينها الاستخارة في أوقات الكراهة،[١١] والأوقات التي تُكرَه الصلاة فيها هي: من بعد صلاة الفجر إلى ما بعد طلوع الشمس برُبع ساعةٍ، وقبل صلاة الظهر بثُلث ساعةٍ، ومن بعد صلاة العصر إلى أذان المغرب.[١٢]


حُكم الجمع بين أمرَين أو أكثر في الاستخارة

يجوز الجَمع بين أكثر من أمرٍ في الاستخارة الواحدة إن كانت الأمور مُرتبطةً ببعضها البعض، أمّا إن كانت الأمور غير مُرتبطةٍ فيُفضَّل الفَصل بالاستخارة؛ وذلك بتخصيص استخارة لكلّ أمر على حدة.[١٣]


حُكم تكرار الاستخارة

قال جمهور العلماء من الحنفيّة والمالكيّة والشافعيّة بجواز تكرار الاستخارة في أمرٍ ما سبع مرّات، أمّا الحنابلة فلم يُصرّحوا بحُكم تكرار الاستخارة.[١٤]


المراجع

  1. أحمد الزومان (2011-01-23)، "صلاة الاستخارة"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-16. بتصرّف.
  2. وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الكويت، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 241. بتصرّف.
  3. ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:6382، صحيح.
  4. عقيل الشهري، صلاة الاستخارة مسائل فقهية وفوائد تربوية، صفحة 17. بتصرّف.
  5. وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الكويت، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 242. بتصرّف.
  6. وزارة الأوقاف والشؤون الإسامية الكويت، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 242. بتصرّف.
  7. "استخارة الحائض بالدعاء"، إسلام ويب، 2015-12-14، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-16. بتصرّف.
  8. موقع الدرر السنية، الموسوعة الفقهية الدرر السنية، صفحة 197. بتصرّف.
  9. وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الكويت، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 245. بتصرّف.
  10. موافي عزب (2003-02-19)، "كيفية معرفة نتيجة صلاة الاستخارة"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-16. بتصرّف.
  11. عبدالعزيز الراجحي، فتاوى منوّعة، صفحة 51. بتصرّف.
  12. ابن باز، "الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها والحكمة من ذلك"، ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 24/12/2020. بتصرّف.
  13. عقيل الشهري، صلاة الاستخارة مسائل فقهية وفوائد تربوية، صفحة 31-32. بتصرّف.
  14. وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الكويت، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 246. بتصرّف.