قصر الصلاة في السفر

اتّفق العلماء على مشروعية قصر الصلاة الرباعية في السفر، وقد ثبتت تلك المشروعية في القرآن الكريم والسنة النبوية وإجماع العلماء، قال -تعالى-: (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا)،[١] وقد فُسّرت الآية بما ثبت في صحيح مسلم: (عَنْ يَعْلَى بنِ أُمَيَّةَ، قالَ: قُلتُ لِعُمَرَ بنِ الخَطَّابِ: {ليسَ علَيْكُم جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ، إنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء:101] فقَدْ أَمِنَ النَّاسُ، فَقالَ: عَجِبْتُ ممَّا عَجِبْتُ منه، فَسَأَلْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عن ذلكَ، فَقالَ صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بهَا علَيْكُم، فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ)،[٢] وقد ثبت بالتواتر أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- كان يقصر الصلاة الرباعية في سفره، كما أجمع العلماء أيضاً على مشروعية قصر الصلاة الرباعية في السفر.[٣][٤]


كم عدد أيام قصر الصلاة في السفر؟

اختلف العلماء في تحديد المدّة التي يجوز للمسافر فيها الاستمرار بالترخّص برُخصة قصر الصلاة الرباعية وأدائها ركعتَين، وذهبوا في ذلك إلى عدّة أقوالٍ بيانها آتياً:[٥]

  • الحنفية: قالوا بجواز المسافر الترخّص برُخصة قصر الصلاة الرباعية مدّة أقلّ من خمسة عشر يوماً، فإنّ نوى المسافر الإقامة مدة خمسة عشر يوماً فأكثر فلا يجوز له أداء الصلاة الرباعية ركعتَين، بل يُتمّ الصلاة.
  • المالكية والشافعية: قالوا إنّ المسافر يُتمّ أداء صلاته أربع ركعاتٍ ولا يقصرها إلى ركعتَين إن نوى الإقامة في البلد التي سافر إليها مدة أربعة أيامٍ دون يومي الدخول والخروج، استدلالاً بأنّ الله -تعالى- رخصّ للمسافر قصر الصلاة الرباعية بشرط السير والسفر، ولا ينطبق ذلك على مَن نوى الإقامة أربعة أيامٍ، واستدلالاً بما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن العلاء بن الحضرمي -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (يُقِيمُ المُهَاجِرُ بمَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ ثَلَاثًا)،[٦] فقد أقام النبيّ -عليه السلام- ثلاثة أيامٍ في مكة المكرمة لأداء العُمرة واستمرّ في قصر الصلاة، ممّا يدلّ على أنّ الثلاثة أيامٍ لا تعدّ إقامةً في البلد، والأربعة أيامٍ تعدّ إقامةً.
  • الحنابلة: قالوا بجواز قصر الصلاة للمسافر ما لم ينوِ الإقامة في البلد التي سافر إليها أكثر من أربعة أيامٍ مع احتساب يومي الدخول والخروج من أيام السفر تلك، استدلالاً بفعل النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، إذ ثبت أنّه أقام في مكة المكرمة عندما أدّى الحجّ أيام الرابع والخامس والسادس والسابع من ذي الحجّة وكان يقصر الصلاة الرباعية في تلك الأيام.
  • شيخ الإسلام ابن تيمية: قال إنّ المسافر أن يقصر الصلاة الرباعية ما لم ينوِ الإقامة، وقد احتجّ بأنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أقام في مكّة المكرمة بعد فتحها عشرين يوماً وكانوا يقصرون الصلاة، وكان -عليه السلام- يعلم أنّه سيقيم فيها أكثر من أربعة أيامٍ.


المراجع

  1. سورة النساء، آية:101
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن يعلى بن أمية، الصفحة أو الرقم:686، صحيح.
  3. سعيد بن وهف القحطاني، صلاة المسافر السفر وأحكامه في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 31-33. بتصرّف.
  4. عَبد الله بن محمد الطيّار، عبد الله بن محمّد المطلق، محمَّد بن إبراهيم الموسَى، الفِقهُ الميَسَّر، صفحة 407. بتصرّف.
  5. "متى يتم المسافر الصلاة ومتى يقصرها ؟"، إسلام ويب، 16/12/2000، اطّلع عليه بتاريخ 4/4/2021. بتصرّف.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن العلاء بن الحضرمي، الصفحة أو الرقم:1352، صحيح.