الإمامة في الصلاة

إمامة المُسلمين في الصلاة من أعظم الأعمال وأشرفها، فلها مكانةٌ عظيمةٌ ومنزلةٌ رفيعةٌ، فهي وظيفة الأنبياء والرُّسل -عليهم الصلاة والسلام-، قال -تعالى-: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ).[١][٢]




ماذا يفعل الإمام بعد الصلاة؟

يُسنّ للإمام بعد سلامه من الصلاة أن يستغفر ربّه ثلاث مراتٍ، ثم يقول: (اللَّهمَّ أنتَ السَّلامُ ومنكَ السَّلامُ، تبارَكْتَ يا ذا الجلالِ والإِكْرامِ)،[٣] ثمّ يلتفت إلى المصلّين يميناً ويساراً، وإمّا أن يلتفت بكامل وجهه، وذلك ما ثبت عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، إذ أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن سمرة بن جُندب -رضي الله عنه-: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا صَلَّى صَلَاةً أقْبَلَ عَلَيْنَا بوَجْهِهِ)،[٤] كما أخرج الإمام مسلم عن البراء بن عازب -رضي الله عنه-: (كُنَّا إذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، أَحْبَبْنَا أَنْ نَكُونَ عن يَمِينِهِ، يُقْبِلُ عَلَيْنَا بوَجْهِهِ)،[٥] وتكمُن الحكمة من التفات الإمام؛ تعليم المأمومين ما يحتاجونه من أمور دِينهم، ومخاطبتهم والتحدّث إليهم، بالإضافة إلى إعلام مَن يريد الصلاة بأنّ الجماعة انقضت، والتواضع للمأمومين وعدم الترفّع عنهم.[٦]


حكم انصراف الإمام مباشرةً بعد الصلاة

الأولى من الإمام الجلوس بعد الصلاة والاستغفار والدعاء والالتفات إلى المصلّين -كما سبق بيانه-، وأن يبقى جالساً إلى حين انصراف المأمومين، بحيث يكون قادراً على الانصراف دون تخطي رقاب أحد المصلّين، أمّا إن استطاع الانصراف بعد الالتفات إلى المصلّين دون تخطي رقاب أحدٍ؛ فينصرف دون حرجٍ أو بأسٍ.[٧]


حكم انصراف المأموم قبل الإمام

الأولى بالمأموم عدم الانصراف إلى حين انتهاء الإمام من استغفاره ودعائه والالتفات إلى المأمومين، والأفضل في حقّه أن ينصرف مع الإمام، استدلالاً بما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (صَلَّى بنَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ذَاتَ يَومٍ فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ أقْبَلَ عَلَيْنَا بوَجْهِهِ، فَقالَ: أيُّها النَّاسُ، إنِّي إمَامُكُمْ، فلا تَسْبِقُونِي بالرُّكُوعِ ولَا بالسُّجُودِ، ولَا بالقِيَامِ ولَا بالانْصِرَافِ).[٨][٩]


واجبات إمام المسجد

يتحمّل إمام الصلاة العديد من المسؤوليات والواجبات، بيان وتفصيل البعض منها آتياً:[٢]

  • العلم بالعقيدة الإسلامية الصحيحة، وأساسيات الإيمان بالله وحده، والأركان التي يقوم عليها، بالإضافة إلى العلم بالأحكام الفقهية؛ ليكون قادراً على تصحيح عبادة المصلّين، والإجابة على استفساراتهم، والعلم باللغة العربية؛ ليكون قادراً على صياغة المواعظ والنصائح بأسلوبٍ بليغٍ.
  • الحرص على إتمام الصلاة وأدائها بصورتها الصحيحة الواردة عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، وعدم انتقاص شيءٍ منها، قال -عليه السلام-: (من أمَّ النَّاسَ فأصابَ الوقتَ فلَهُ ولَهُم ومنِ انتقصَ من ذلِكَ شيئًا فعليهِ ولا عليهِم).[١٠]
  • الحرص على تسوية صفوف المصلّين كما كان يفعل النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، ويسوّي الصفوف قائلاً: (سَوُّوا صُفُوفَكُمْ؛ فإنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِن تَمامِ الصَّلاةِ).[١١]
  • تفقّد أحوال المصلّين؛ كالفقراء والمحتاجين والمرضى منهم، والسعي في تحقيق حاجاتهم.
  • الأمر بالمعروف والبرّ والنهي عن المنكر والفُحش.

المراجع

  1. سورة السجدة، آية:24
  2. ^ أ ب د. أمين بن عبدالله الشقاوي (18/5/2014)، "الإمامة حقوق وواجبات"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 25/3/2021. بتصرّف.
  3. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1512، صحيح.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سمرة بن جندب، الصفحة أو الرقم:845، صحيح.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم:709، صحيح.
  6. محمد صالح المنجد (17/9/2014)، "التفات الإمام بعد السلام من الصلاة إلى المأمومين"، إسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 25/3/2021. بتصرّف.
  7. ابن عثيمين، مجموع فتاوى ورسائل العثيمين، صفحة 239. بتصرّف.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:426، صحيح.
  9. محمد بن صالح العثيمين (2008/2/28)، "هل الأولى للإمام أن ينصرف بعد الصلاة مباشرة أو ينتظر"، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 25/3/2021.
  10. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عقبة بن عامر، الصفحة أو الرقم:580، حسن صحيح.
  11. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:433، صحيح.