حكم القراءة من المصحف في الصلاة

يختلف حكم قراءة القرآن من المصحف في صلاة الفريضة عن حكمها في صلاة القيام والنّافلة، فقد فرّق أهل العلم بين الحالتين، وتوضيح ذلك فيما يأتي:


حكم القراءة من المصحف في الفريضة

تعدّدت آراء الفقهاء في حكم القراءة من المصحف في صلاة الفريضة، وبيان أقوالهم فيما يأتي:[١]

  • لا تُفسِد الصلاة

ذهب الإمامان الشافعي وأحمد وجماعةٌ غيرهم إلى أنّ القراءة من المصحف في صلاة الفريضة لا تُفسد الصلاة، ولكنّ فعل ذلك مكروه، وهو قول الصاحبين -أبي يوسف ومحمد- من الحنفيّة أيضاً، ونقل السرخسي قولاً آخر عن الشافعيّ بأنّها لا تُكره، والأول أشهر -أي إنّ الصلاة تامّة مع الكراهة-.


كما أنّ حمل المصحف في الصلاة وتقليب صفحاته لا يُفسد الصلاة عندهم، واستدلّوا بأنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- كان يحمل حفيدته أمامة في صلاته، ويضعها عند ركوعه وسجوده، وقالوا إنّ في فعل ذلك إضافة عبادة على عبادة، وهي النّظر إلى المصحف، كما أن حمله وتقليب صفحاته لا يضرّ؛ لأنّه عملٌ قليلٌ في الصلاة.


وذهب بعض أهل العلم إلى القول بأنّ القراءة من المصحف في صلاة الفريضة هو خِلاف الأولى، لأنّها ليست مبنية على التطويل بخلاف صلاة القيام والتراويح ونحوها.[٢]


  • تُفسِد الصلاة

ذهب الحنفية إلى أنّ القراءة من المصحف في الصلاة تُفسدها، سواء كان ذلك بالنّظر إليه أو بحمله وتقليب صفحاته، وبه قال ابن حزم وابن المسيّب والحسن البصري وغيرهم، لأنّ القراءة من المصحف أشبه بتلقين المصلّي الآيات من غيره، كما أنّ التمييز بين الحروف المكتوبة عملٌ كثيرٌ في الصلاة، وكذا حمله وتقليب صفحاته، أمّا إذا كان المصلّي حافظاً للآيات ويقرؤها عن ظهر قلبٍ ومع ذلك كان ينظر للمكتوب فهذا لا يُفسد الصلاة، لأنه عملٌ قليل.


حكم القراءة من المصحف في القيام والنافلة

يرى جمهور أهل العلم جواز القراءة من المصحف في صلاة النّافلة،[٣] وخاصّة في قيام الليل والتراويح، لأنّ مبناهما على التطويل، فلا بأس بالقراءة من المصحف فيها،[٤] لأنّ النصوص الشرعية تدلّ على مشروعية قراءة القرآن في الصلاة، وهذا يشمل قراءته من المصحف أو عن ظهر قلب، وقد ثبت أن عائشة -رضي الله عنها- أمرت مولاها ذكوان أن يُصلّي بها إماماً في قيام رمضان، وكان -رضي الله عنه- يقرأ من المصحف.[٥]


أما في صلاة الجماعة فلا يجوز للمأموم أن يحمل المصحف، خاصَّةً إذا كان الإمام يقرأ من المصحف، فالسُّنّة أن يضع المأموم يده اليمنى على اليُسرى في صلاته ويتدبّر ولا ينشغل بشيءٍ، إلا إذا كان الإمام يقرأ من حفظه وخصّص أحد المأمومين لمتابعة ما يقرأ حتّى يردّه إذا نسي أو أخطأ.[٦]


كيفية القراءة من المصحف في الصلاة

يُمكن للمصلّي المنفرد أو الإمام أن يقرأ من المصحف في القيام أو النّافلة من المصحف بأكثر من طريقة، بشرط أن لا يُكثر من الحركات الكثيرة المتتابعة، ونذكر هذه الطرق فيما يأتي:


  • الطريقة الأولى

الأفضل أن يوضع أمام المصلّي مصحفٌ ذو خطٍّ كبير على شيءٍ مرتفع، بحيث يبقى ثابتاً أمامه، ولا يحتاج إلى تقليب الصفحات كثيراً، وقد قال النووي: "ولو قلَّب أوراق المصحف أحيانًا في صلاته لم تَبطُل".[٧]


  • الطريقة الثانية

يُمكن للمصلّي أن يحمل المصحف بيديه ويتلو منه في النّافلة، فإذا ركع أو سجد وضعه على شيءٍ مرتفعٍ بجانبه؛ كالكرسي، والطريقة الأولى أفضل؛ حتى لا ينشغل المصلّي بحمله ووضعه، فيكون ذلك أدعى للخشوع وعدم الإكثار من الحركة في الصلاة.[٨]

المراجع

  1. بدر الدين العيني، البناية شرح الهداية، صفحة 420-421، جزء 2. بتصرّف.
  2. ياسر برهامي، دروس للشيخ ياسر برهامي، صفحة 15، جزء 48. بتصرّف.
  3. مصطفى العدوي، دروس للشيخ مصطفى العدوي، صفحة 28، جزء 12. بتصرّف.
  4. عبد العزيز الراجحي، شرح الاقتصاد في الاعتقاد، صفحة 23، جزء 8. بتصرّف.
  5. محمد صالح المنجد، الإسلام سؤال وجواب، صفحة 3416، جزء 5. بتصرّف.
  6. أسامة سليمان، دروس الشيخ أسامة سليمان، صفحة 10، جزء 34. بتصرّف.
  7. "القراءة من المصحف في صلاة التراويح"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 15/4/2023. بتصرّف.
  8. "القراءة من المصحف أثناء قيام الليل"، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 15/4/2023. بتصرّف.