سجود السهو هو السجود الذي يُؤدّى آخر الصلاة أو بعدها؛ لجبر خللٍ حصل في الصلاة؛ كترك فعلٍ من أفعالها أو زيادةٍ عليها،[١] ومشروعيَّة سجود السهو مأخوذةٌ من فعل النبيّ -علهي الصلاة والسلام-؛ وذلك فيما رواه عبد الله بن مسعودٍ -رضي الله عنه- أنّه قال: (صَلَّى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَزَادَ، أوْ نَقَصَ، قالَ إبْرَاهِيمُ: والْوَهْمُ مِنِّي، فقِيلَ: يا رَسولَ اللهِ، أزِيدَ في الصَّلَاةِ شيءٌ؟ فَقالَ: إنَّما أنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أنْسَى كما تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيَ أحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وهو جَالِسٌ، ثُمَّ تَحَوَّلَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ).[٢]


سنن الصلاة التي يسجد لتركها سجود سهو

اتّفق الفقهاء على أنّ أركان الصلاة إذا سها المصلّي عن أحدها فلم يفعله؛ فإنّها لا تُجبر بسجود السهو بل يجب أن يأتي المصلي بمثلها، وأمّا فيما يتعلّق بأفعال الصلاة وأقوالها من غير الأركان؛ فقد تعدّدت أقوالهم فيما يُسجد لتركها سجود السهو وما لا يلزم من تركها سجود السهو، وذلك تبعًا لتنوّع واختلاف تقسيمهم لأفعال الصلاة وأقوالها،[٣] وفيما يأتي بيان ذلك وتفصيله.


ما يجب بتركه سجود السهو عند الحنفيّة

يُقسِّم الحنفيَّة أفعال الصلاة إلى أركانٍ وواجباتٍ، ويُوجبون سجود السهو بعد التسليم من الصلاة على من ترك واجبًا من واجبات الصلاة سهوًا، أمّا إن ترك واجبًا من واجبات الصلاة عمدًا أو لم يقم بسجود السهو؛ فإنّ عليه أن يعيد الصلاة، وإنّ لم يُعدها فلا تكون صلاته باطلةً، إلّا أنّه يكون بتركه لهذا الواجب وعدم سجوده للسهو آثمًا، ومن واجبات الصلاة التي يُسجد للسهو عند تركها: قراءة سورةٍ بعد الفاتحة، والتشهد في الركعة الثانية، والتسليم مرّتين آخر الصلاة.[٤]


ما يجب بتركه سجود السهو عند المالكيّة

يُقسّم المالكيَّة أفعال الصلاة إلى فرائض وسنن، ويوجب سجود السهو عند المالكيَّة على من ترك سنَّة من سنن الصلاة؛[٥] وإن ترك المصلي ثلاث سنن من سنن الصلاة فأكثر ولم يسجد لها سجود سهوٍ؛ فإنّ صلاته تبطل،[٦] وسنن الصلاة عند المالكيّة ثمانٍ، وهي:[٥]

  • قراءة سورةٍ بعد الفاتحة.
  • الجهر في صلاةٍ سريَّةٍ.
  • الإسرار في صلاة الفريضة جهريَّةٍ.
  • التكبير مرّتين فأكثر غير تكبيرة الإحرام.
  • التسبيح مرّتين فأكثر في الركوع والسجود.
  • التشهد الأول.
  • التشهد الثاني.
  • الجلوس للتشهّدين.


ما يجب بتركه سجو السهو عند الشافعيَّة

قسّم الشافعيَّة أفعال الصلاة كما قسّمها المالكيَّة إلى فرائض وسننٍ، إلّا أنّهم قسّموا السنن نفسها إلى قسمين: أبعاضٍ، وهيئاتٍ، والأبعاض؛ هي السنن التي يُجبر تركها بسجود السهو، ومثالها: التشهد الأول والجلوس له، الصلاة على النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في التشهد الأول، والصلاة على آله في التشهد الثاني، القنوت في صلاة الفجر، فذه سننٌ للصلاة عند الشافعيَّة، يلزم من تركها أن يسجد للسهو.[٣]

ما يجب بتركه سجود السهو عند الحنابلة

قسّم الحنابلة أفعال الصلاة إلى أركانٍ وواجباتٍ وسننٍ، وسجود السهو يكون لمن ترك واجبًا من واجبات الصلاة، ومن الواجبات التي تُجبر بالسهو: التسميع؛ أي قول "سمع الله لمن حمده" للإمام والمنفرد، والتحميد؛ أي قول "ربنا ولك الحمد"، والتكبير غير تكبيرة الإحرام وغيرها من الواجبات، وإن لم يسجد المصلي للسهو إن ترك أحد هذه الواجبات بطلت صلاته.[٣]


المراجع

  1. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 338. بتصرّف.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:572، حديث صحيح.
  3. ^ أ ب ت مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 234-239. بتصرّف.
  4. عبد الرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 217. بتصرّف.
  5. ^ أ ب محمد العربي القروي المالكي، الخلاصة الفقهية على مذهب السادة المالكية، صفحة 93. بتصرّف.
  6. محمد بن عبد الله الخرشي، شرح مختصر خليل، صفحة 333. بتصرّف.