هل تجب صلاة الجمعة على المسافر؟

أجمع جمهور الفقهاء على أنّ صلاة الجمعة لا تجب على المسافر، كما ذهب أصحاب المذاهب الفقهية الأربعة إلى أنّها لا تجب عليه ولو سمع النّداء لها؛ لأنّه غير مخاطبٍ بها، في حين ذهب الظّاهرية والأوزاعي والزّهري إلى أنّها تجب في حقّه إنْ سمع النّداء، وقد ناقش أهل العلم أدّلتهم وردّوا عليها.[١]


ومما يستدّل به على سقوط أداء الجمعة عن المسافر أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- في أسفاره مرّ به جُمَعٌ بلا شكّ، ولم يُذْكَر أنّه أقامها جمعةً، بل الثابت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنّه صلّى في عرفة الظهر، وكان ذلك يوم الجمعة، فدلّ فعله على أنّه لا جمعة على المسافر، وهذا بإجماع من أهل العلم.[٢]


وفي هذا يقول ابن عبد البرّ: "أجمع علماء الأمة أن الجمعة فريضة على كل حر بالغ ذكر يدركه زوال الشمس في مصر من الأمصار، وهو من أهل المصر غير مسافر"،[٣] والرّاجح عند المحقّقين من أهل العلم أنّها لا تجب على المسافر حتى ولو سمع النّداء، ورغم ذلك فإنّ الأكمل والأفضل في حقّه حضورها.[١]


حكم السفر يوم الجمعة

بحث أهل العلم حكم السّفر يوم الجمعة، وبيان آرائهم فيما يأتي:[٤]

  • السّفر بعد الزّوال

أجمع جمهور الفقهاء على حرمة السّفر بعد الزّوال يوم الجمعة، وهو أوّل وقت دخولها، وذلك في حقّ من تلزمه الجمعة؛ وعلّلوا ذلك بأنّ وجوب أدائها متعلّق بمجرد دخول الوقت، فلا يجوز للمكلّف تفويته، واستثنى المالكية والشافعية والحنابلة تضرّر المسافر من فوات الرّفقة، فلا يحرم السّفر حينئذٍ دفعاً للضّرر عنه.


وذهب الحنفية إلى أنّ السّفر يوم الجمعة بعد دخول أوّل وقتها مكروه كراهة تحريمية، واستثنوا من ذلك ما إذا تمكّن المسافر من أداء الجمعة في طريق سفره أو عند وصوله، فلا يحرم في هذه الحالة؛ نظراً لتحقّق المقصود.


  • السّفر قبل الزّوال

فصّل أصحاب المذاهب الفقهية في حكم السفر قبل الزّوال، وتعدّدت آراؤهم في المسألة؛ فالمالكية والحنابلة ذهبوا إلى كراهة السّفر قبل الزوال، أمّا إنْ أمكنه أداؤها في طريق سفره، أو تضرّر بتخلّفه عنها جاز له السّفر قبل الزّوال، والحنفية مذهبهم جواز السّفر قبل الزوال بلا خلاف عندهم.


على من تجب صلاة الجمعة؟

يجب على كل مسلم ذكر حر بالغ عاقل مقيم، قادر على إتيانها أداء صلاة الجمعة؛ وهي على ذلك لا تجب على المرأة والصّبي والمجنون والمريض والمسافر والعبد المملوك؛ ودليل هذا التّخصيص ما رواه أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (الجُمُعةُ حَقٌّ واجِبٌ على كلِّ مُسلِمٍ في جَماعةٍ إلَّا أربعةً: عَبدٌ مَملوكٌ، أوِ امرَأةٌ، أو صَبِيٌّ، أو مَريضٌ).[٥][٦] وأمّا عدم وجوبها على المسافر، فقد سبق الإشارة إلى دليله.


ودليل فرضيّتها قول الله -سبحانه-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)،[٧]وفي الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمر وأبي هريرة -رضي الله عنهم- أنّهما سمعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد منبره: (لَيَنْتَهينَّ أقْوامٌ عن ودْعِهِمُ الجُمُعاتِ، أوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ علَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكونُنَّ مِنَ الغافِلِينَ).[٨][٦]

المراجع

  1. ^ أ ب فريق الموقع، "حكم صلاة الجمعة للمسافر"، الدليل الفقهي، اطّلع عليه بتاريخ 5/4/2023. بتصرّف.
  2. ابن المنذر (1985)، الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (الطبعة 1)، الرياض:دار طيبة، صفحة 20، جزء 4. بتصرّف.
  3. ابن عبد البر (2000)، الاستذكار (الطبعة 1)، بيروت:دار الكتب العلمية، صفحة 56، جزء 2.
  4. مجموعة من المؤلفين ، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة 1)، مصر:مطابع دار الصفوة، صفحة 39، جزء 25. بتصرّف.
  5. رواه الحاكم، في المستدرك على الصحيحين، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم:1076 ، صحيح على شرط الشيخين.
  6. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين (1424)، الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة، المدينة المنورة:مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، صفحة 93، جزء 1. بتصرّف.
  7. سورة الجمعة، آية:9
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمر وأبي هريرة ، الصفحة أو الرقم:865، صحيح.