صلاة الجمعة
الجُمعة في اللغة تدلّ على ضمّ وجمع شيئَين، وهي مفردٌ، والجمع منها: جُمَع وجُمُعات، أمّا الجُمعة في الاصصطلاح فهو: يومٌ من أيّام الأسبوع تؤدّى فيه صلاةٌ خاصّةٌ؛ وهي صلاة الجمعة، إذ تؤدّى بكيفيةٍ مخصوصةٍ، وبشروطٍ مخصوصةٍ، وبوقتٍ مخصوصٍ.[١]
حكم صلاة الجمعة
صلاة الجُمعة فرضٌ من الفرائض المعلومة في الدِّين بالضرورة، كما دلّ على ذلك القرآن والسنة النبوية وإجماع العلماء، وبيان تلك الأدلة آتياً:[٢]
- دليل القرآن: قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّـهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)،[٣] فذكر الله يُراد بها صلاة وخطبة الجمعة، والأمر بالسعي إليه يدلّ على الوجوب.
- دليل السنة: ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن عبدالله بن عمر وأبي هريرة: (أنَّهُما سَمِعا رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ علَى أعْوادِ مِنْبَرِهِ: لَيَنْتَهينَّ أقْوامٌ عن ودْعِهِمُ الجُمُعاتِ، أوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ علَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكونُنَّ مِنَ الغافِلِينَ)،[٤] فترتّب العقاب على ترك صلاة الجمعة يدلّ على أنّها واجبةٌ.
- دليل الإجماع: أجمع العلماء على أنّ صلاة الجمعة فرضٌ، كما نقل الإجماع عنهم ابن المنذر وابن العربي وغيرهما.
شروط صلاة الجمعة
تُشترط عدّة أمورٍ في صلاة الجمعة بيانها آتياً:[٥][٦]
- دخول وقت الصلاة: فلا تجب صلاة الجمعة ولا تصحّ إلّا بدخول وقتها -الآتي بيانه-.
- الخطبة: فلا تصحّ صلاة الجمعة إلّا بتقديم الصلاة بخطبتَين.
- الجماعة: فلا تصحّ صلاة الجمعة بشكلٍ منفردٍ.
- الإسلام: فصلاة الجُمعة عبادةٌ لا تصحّ إلّا من المسلم.
- الحرية: فالحرّ مأمورٌ بصلاة الجمعة، وتصحّ منه.
- العقل: فغير العاقل لا تصحّ منه صلاة الجمعة؛ كالمجنون، والمغمى عليه.
- البلوغ: فالصغير لا تجب عليه صلاة الجمعة.
- الذكورة: فالمسلم الذكر تجب عليه صلاة الجمعة، أمّا النساء فلا تجب عليهنّ.
- الإقامة: فتجب الجمعة على المُقيم، ويخرج من ذلك المسافر.
- القدرة: فالمريض مرضاً شديداً يُعجره لا تجب عليه صلاة الجمعة، ويلحق به القائم على أموره بحيث لا يُمكن تركه.
- الخلوّ من الأعذار: فعلى سبيل المثال: فإنّ العاجز بسبب الشيخوخة الشديدة لا تجب عليه صلاة الجمعة.
وقت صلاة الجمعة
اختلف العلماء في تحديد أوّل وقت صلاة الجمعة، وذهبوا في ذلك إلى قولَين بيانهما آتياً:[٧]
- الحنفية والمالكية والشافعية: قالوا إنّ وقت صلاة الجمعة لا يختلف عن وقت صلاة الظُّهر، فيبدأ وقتها من رفع الأذان، وينتهي برفع أذان صلاة العصر، أمّا المالكية فقالوا بأنّ وقتها ينتهي بغروب الشمس؛ أي برفع أذان المغرب، فلا تجب صلاة الجمعة ولا تثبت إلّا برفع الأذان، وتؤدّى ظُهراً -أربع ركعاتٍ- بعد انتهاء وقتها.
- الحنابلة: قالوا إنّ وقت صلاة الجمعة يختلف عن وقت صلاة الظُهر، فيبدأ وقت الجُمعة قبل رفع الأذان.[٨]
كيفية صلاة الجمعة
تؤدّى صلاة الجمعة ركعتَين، يرفع الإمام فيهما صوته بالقراءة ويُسمع المصلّين، إلّا أنّ الركعتَين يجب أن يتقدّمهما خُطبتَين،[٩] أمّا ما يُقرأ في صلاة الجمعة؛ فالمستحبّ للإمام قراءة سورتي الجمعة والمنافقون، أو بسورتي الأعلى والغاشية، أو بسورتي الجمعة والغاشية.[١٠]
أمّا السنة القبليّة والبعديّة لصلاة الجمعة؛ فالبعديّة فقد أجمع العلماء على مشروعيتها، فإمّا أن تؤدّى ركعتَين أو أربع ركعاتٍ، والأفضل أربع، استدلالاً بما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (إذا صَلَّى أحَدُكُمُ الجُمُعَةَ فَلْيُصَلِّ بَعْدَها أرْبَعًا)،[١١] وبما ورد عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنّه قال: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يُصلي بعدَ الجُمُعةِ ركعتين في بيتِه)،[١٢] أمّا السنة القبليّة لصلاة الجمعة؛ فقد اختلف العلماء فيها، وذهبوا في ذلك إلى عدّة أقوالٍ بيانهما آتياً:[١٣][١٤]
- الحنفية والشافعية: قالوا إنّ سنّة الظهر القبليّة تؤدّى ركعتَين، والأكمل والأفضل أداء أربع ركعاتٍ.
- المالكية: قالوا بكراهة أداء السنة القبليّة في حقّ مَن يُقتدى به من العلماء والأئمة.
- الحنابلة: قالوا بعدم تحديد السنّة القبلية لصلاة الجمعة، فيصلّي المسلم ما شاء.
سنن صلاة الجمعة
تُسنّ عدّة أمورٍ لصلاة الجمعة، بيان البعض منها آتياً:[١٥]
- الغُسل قبل صلاة الجُمعة استعداداً لها، استدلالاً بما أخرجه البخاريّ في صحيحه عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (غُسْلُ يَومِ الجُمُعَةِ واجِبٌ علَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ).[١٦]
- التجمّل والتطيّب لصلاة الجمعة، قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (لَا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَومَ الجُمُعَةِ، ويَتَطَهَّرُ ما اسْتَطَاعَ مِن طُهْرٍ، ويَدَّهِنُ مِن دُهْنِهِ، أوْ يَمَسُّ مِن طِيبِ بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فلا يُفَرِّقُ بيْنَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي ما كُتِبَ له، ثُمَّ يُنْصِتُ إذَا تَكَلَّمَ الإمَامُ، إلَّا غُفِرَ له ما بيْنَهُ وبيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى).[١٧]
- الذهاب لأداء صلاة الجمعة في وقتٍ مبكّرٍ.
- الإنصات لخطبة الجمعة، قال -عليه الصلاة والسلام-: (إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَومَ الجُمُعَةِ: أنْصِتْ، والإِمَامُ يَخْطُبُ، فقَدْ لَغَوْتَ).[١٨]
المراجع
- ↑ سعيد بن وهف القحطاني، صلاة الجمعة، صفحة 5-7. بتصرّف.
- ↑ عَبد الله بن محمد الطيّار، عبد الله بن محمّد المطلق، محمَّد بن إبراهيم الموسَى، الفِقهُ الميَسَّر، صفحة 422. بتصرّف.
- ↑ سورة الجمعة، آية:9
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمر وأبي هريرة، الصفحة أو الرقم:865، صحيح.
- ↑ سيد سابق، فقه السنة، صفحة 302. بتصرّف.
- ↑ "شروط صلاة الجمعة"، إسلام ويب، 16/4/2001، اطّلع عليه بتاريخ 23/2/2021. بتصرّف.
- ↑ عَبد الله بن محمد الطيّار، عبد الله بن محمّد المطلق، محمَّد بن إبراهيم الموسَى، الفِقهُ الميَسَّر، صفحة 423. بتصرّف.
- ↑ محمد صالح المنجد (25/3/2008)، "أول وقت صلاة الجمعة"، إسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 23/2/2021. بتصرّف.
- ↑ "عدد ركعات صلاة الجمعة وسنتها القبلية والبعدية"، إسلام ويب، 23/9/2003، اطّلع عليه بتاريخ 23/2/2021. بتصرّف.
- ↑ سعيد بن وهف القحطاني، صلاة المؤمن، صفحة 830-829. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:881، صحيح.
- ↑ رواه الإمام أحمد، في مسند أحمد، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:7/61، إسناده صحيح.
- ↑ "سنة الجمعة"، إسلام ويب، 18/10/2001، اطّلع عليه بتاريخ 23/2/2021. بتصرّف.
- ↑ "سنة صلاة الجمعة"، دار الإفتاء، 5/1/2010، اطّلع عليه بتاريخ 23/2/2021. بتصرّف.
- ↑ "سنن الجمعة وآدابها"، طريق الإسلام، 2018/7/2، اطّلع عليه بتاريخ 23/2/2021. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:879، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سلمان الفارسي، الصفحة أو الرقم:883، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:934، صحيح.