ميّز الله -تعالى- يوم الجُمعة، فجعله من الأيام المعظّمة المشرّفة في الإسلام، وخُصّه بعباداتٍ وطاعاتٍ محددةٍ بخلاف غيره من الأيام،[١] ومن تلك العبادات صلاة الجُمعة التي لا تصحّ إلّا بعددٍ من الشروط المبيّنة في المقال.[٢]


ما هي شروط صحة صلاة الجمعة؟

لا تصحّ صلاة الجمعة إلّا بتوفّر أربعة أمورٍ بيانها آتياً:[٣]


الخُطبة

وهي الكلام الذي يُلقيه الإمام مُخاطباً به جموع المسلمين بعد دخول وقت صلاة الجمعة وقبل أدائها، على خلافٍ بين العلماء في بعض الأمور والمسائل المتعلّقة بها، فاشترط الحنفية أن تكون الخُطبة قبل الصلاة، سواءً كانت خطبةً أم خُطبتَين، جالساً كان الإمام أم قائماً، تلا قرآناً أم لا، أمّا جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة فاشترطوا أداء الإمام خُطبتَين استدلالاً بمواظبة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- على ذلك،[٣] كما اختلفوا أيضاً أركان خطبة الجمعة التي تقوم بها، وبيان ما ذهبوا إليه آتياً:[٤]

  • الإمام أبو حنيفة: قال إنّ خطبة الجمعة لها ركنٌ واحدٌ، ألا وهو ذكر الله القليل أو الكثير، فتصحّ بتحميدةٍ أو تهليلةٍ أو تسبيحةٍ، استدلالاً بقول الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّـهِ)،[٥] فالآية تدلّ بحسب قولهم أنّ ذكر الله يشمل القليل والكثير، وخالف الصاحبان -محمد وأبو يوسف- الإمام أبا حنيفة، فقالا بوجوب الذكر الطويل ليُطلق عليه اسم الخُطبة.
  • المالكية: قالوا إنّ الخُطبة هي ما يُطلق عليها خطبةً في عُرف الناس، كقول الإمام: "اتقوا الله فيما أمر، وانتهوا عمّا نهى وزجر"، ولا تصحّ بتحميدةٍ أو تسبيحةٍ، وقال ابن العربي المالكي أنّ أقلّ الخُطبة أن تشتمل على حمد الله والصلاة على النبيّ -عليه الصلاة والسلام- وقراءة شيءٍ من القرآن وترغيبٍ وترهيبٍ.
  • الشافعية: قالوا إنّ لخطبة الجمعة خمسة أركانٍ لا تصحّ إلّا بها، وهي:
  • حمد الله والثناء عليه بلفظ الجلالة (الله)، وبلفظ (الحمد).
  • الصلاة على النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بلفظ الصلاة وبذكر النبي باسمه أو صفته.
  • الوصية بالتقوى.
  • الدعاء للمؤمنين في الخطبة الثانية.
  • قراءة آيةٍ قرآنيةٍ مفهومةٍ.
  • الحنابلة: قالوا إنّ لخطبة الجمعة أربعة أركانٍ هي:
  • حمد الله -تعالى- بلفظ (الحمد).
  • الصلاة على النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بلفظ (الصلاة).
  • موعظة المسلمين.
  • قراءة آيةٍ قرآنيةٍ كاملةٍ.


الجماعة

أجمع العلماء على أنّ صلاة الجمعة لا تصحّ إلّا بحضورٍ جماعةٍ من المسلمين، إذ إنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لم يؤدِ صلاة الجمعة إلّا في جماعةٍ، إلّا أنهم اختلفوا في مقدار الجماعة، وذهبوا في ذلك إلى عدٍة أقوالٍ بيانها آتياً:[٣]

  • الحنفية: قالوا إنّ الجماعة تتحقّق بحضور واحدٍ من المصلّين سوى الإمام، أي الإمام وواحدٌ غيره.
  • المالكية: اشترطوا حضور اثني عشر ممّن تجب عليهم صلاة الجمعة.
  • الشافعية والحنابلة: قالوا إنّ صلاة الجمعة لا تصحّ إلّا بحضور أربعين من المسلمين ممّن تجب عليهم صلاة الجمعة.


الإشهار عند الحنفية

اشترط الحنفية لصحّة صلاة الجمعة أن تؤدّى في مكنٍ عامٍ بارزٍ معلومٍ مفتوحٍ لجميع المسلمين، وقد استدلّوا بأنّ الله -تعالى- شرع النداء لصلاة الجُمعة بقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّـهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)،[٥] والنداء لا يكون إلّا للإشهار.[٣]


عدم تعدّد الجُمعة

اشترط العلماء لصحّة صلاة الجمعة ألّا تُقام في أكثر من موضعٍ في المواضع القريبة من بعضها البعض، إذ إنّ الغاية منها اجتماع المسلمين مع بعضهم وتفقّد أحوالهم، ولا يحصل ذلك بالتفرقة.[٣]

المراجع

  1. عَبد الله بن محمد الطيّار، عبد الله بن محمّد المطلق، محمَّد بن إبراهيم الموسَى، الفِقهُ الميَسَّر، صفحة 421. بتصرّف.
  2. عبد الحي يوسف، دروس الشيخ عبد الحي يوسف، صفحة 1. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث ج مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 205-201. بتصرّف.
  4. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 178-177. بتصرّف.
  5. ^ أ ب سورة الجمعة، آية:9