صلاة الجمعة

صلاة الجمعة شعيرةٌ زمانية من أعظم شعائر الإسلام، فقد عظّمها الله -تعالى- وأمر المسلمين أيضاً بتعظيمها، فقال -عزّ وجلّ-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّـهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)،[١] ولذلك يجدر بالمسلمين التهيؤ لصلاة الجمعة، والتبكير في الذهاب إليها، ولذلك كان الصحابة -رضي الله عنهم- يستعدّون لأداء صلاة الجمعة باكراً؛ تعظيماً لشأنها، فكانوا لا يستريحون ولا يأخذون قيلولة إلّا بعد صلاة الجمعة بخلاف الأيام الأخرى.[٢]


وقت صلاة الجمعة

اختلف العلماء في تحديد وقت صلاة الجمعة، وذهبوا في ذلك إلى قولَين بيانهما آتياً:[٣]

  • جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية: قالوا إنّ وقت صلاة الجمعة لا يختلف عن وقت صلاة الظُّهر، فيدخل برفع الأذان لها، ولا يجوز أداء صلاة الجمعة قبل دخول وقتها، وقد استدلّوا بعدّة أدلةٍ بيانها آتياً:
  • ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه- أنّه قال: (كُنَّا نُجَمِّعُ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، إذَا زَالَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ نَرْجِعُ نَتَتَبَّعُ الفَيْءَ).[٤]
  • ما أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يُصَلِّي الجُمُعَةَ حِينَ تَمِيلُ الشَّمْسُ).[٥]
  • الحنابلة: صرّح الإمام أحمد بن حنبل -رضي الله عنه- بجواز أداء صلاة الجمعة قبل وقت صلاة الظُّهر، أي أن وقت صلاة الجُمعة يسبق وقت صلاة الظُّهر، وقد استدلّوا بعدّة أدلةٍ بيانها فيما يأتي:
  • ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- أنّه قال: (كُنَّا نُصَلِّي مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ نَرْجِعُ فَنُرِيحُ نَوَاضِحَنَا. قالَ حَسَنٌ: فَقُلتُ لِجَعْفَرٍ: في أَيِّ سَاعَةٍ تِلْكَ؟ قالَ: زَوَالَ الشَّمْسِ).[٦]
  • ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه- أنّه قال: (ما كُنَّا نَقِيلُ، وَلَا نَتَغَدَّى إلَّا بَعْدَ الجُمُعَةِ)،[٧] أي أنّهم كانوا يؤخّرون الغداء والقيلولة إلى ما بعد أداء صلاة الجمعة، ممّا يعني أنّهم كانوا يقدّمون أداء صلاة الجمعة على الوقت المُعتاد كما احتجّ بذلك الحنابلة.
  • ما أخرجه البخاريّ في صحيحه عن سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه-: (كُنَّا نُصَلِّي مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الجُمُعَةَ ثُمَّ نَنْصَرِفُ، وليسَ لِلْحِيطَانِ ظِلٌّ نَسْتَظِلُّ فِيهِ).[٨]


قضاء صلاة الجمعة

تؤدّى صلاة الجمعة حال فواتها وانتهاء وقت أدائها مع المسلمين ظُهراً، أي أنّها تُقضى أربع ركعاتٍ بإجماع العلماء كما نُقل عن ابن المنذر والنووي وشيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهم، ويُستدلّ أيضاً بأنّ صلاة الجمعة لا يُمكن قضاؤها؛ إذ إنّها لا تصحّ إلّا بتحقّق شروطٍ مخصوصةٍ محددةٍ يُصعب تحقيقها مرةً أخرى عند قضائها، ولذلك فإنّ القضاء يكون بأداء أربع ركعاتٍ.[٩]


المراجع

  1. سورة الجمعة، آية:9
  2. د. محمود بن أحمد الدوسري (25/9/2019)، "أحكام وآداب صلاة الجمعة"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 16/2/2021. بتصرّف.
  3. محمد صالح المنجد (25/3/2008)، "أول وقت صلاة الجمعة"، إسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 16/2/2021. بتصرّف.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن سلمة بن الأكوع، الصفحة أو الرقم:860، صحيح.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:904، صحيح.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:858، صحيح.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن سهل بن سعد الساعدي، الصفحة أو الرقم:859، صحيح.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سلمة بن الأكوع، الصفحة أو الرقم:4168، صحيح.
  9. "قضاءُ صَلاةِ الجُمُعةِ"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 16/2/2021. بتصرّف.