سجود التلاوة

السجود في اللغة: مصدرٌ من الفعل الثلاثي سَجَدَ، ويُراد به الخصوع والتذلّل، وفي الاصطلاح يُراد به: وضع الجَبين وأعضاءٍ أخرى محدّدةٍ على الأرض بطريقةٍ وكيفيةٍ مخصوصةٍ، أمّا التلاوة فهي: مصدرٌ من الفعل تَلا يتلو، أي القراءة، فيُقال: تلا القرآن؛ أي أنّه قرأه، وسجود التلاوة هو: وضع الجَبين وأعضاءٍ معينةٍ على الأرض بكيفيةٍ مخصوصةٍ بسبب تلاوة آيةٍ من آيات القرآن الكريم ورد فيها لفظ السجود أو استماعها.[١][٢]


هل يوجد دعاء بديل عن سجود التلاوة؟

لا يصحّ ترديد أي دعاءٍ أو ذكرٍ أو تسبيحٍ بدلاً عن سجود التلاوة، فذلك من الأمور المُحدثة في الدِّين التي لم يرد عليها أي دليلٍ صحيحٍ، وممّا ورد في ذلك:[٣]

  • أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام قال: (مَن أَحْدَثَ في أَمْرِنَا هذا ما ليسَ فِيهِ، فَهو رَدٌّ)،[٤] وقال الإمام النووي -رحمه الله- شارحاً الحديث السابق: "هَذَا الْحَدِيث قَاعِدَة عَظِيمَة مِنْ قَوَاعِد الْإِسْلَام، وَهُوَ مِنْ جَوَامِع كَلِمه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ صَرِيح فِي رَدّ كُلّ الْبِدَع وَالْمُخْتَرَعَات".
  • قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (عليكُمْ بِسُنَّتِي وسنَّةِ الخُلفاءِ المهديِّينَ الرَّاشِدينَ، تَمسَّكُوا بِها، وعَضُّوا عليْها بالنَّواجِذِ، وإيّاكُمْ ومُحدثاتِ الأُمورِ؛ فإنَّ كلَّ مُحدَثةٍ بِدعةٌ ، وكلَّ بِدعةٍ ضلالَةٌ).[٥]
  • سُئل العلّامة ابن حجر الهيثمي -رحمه الله- مَن سأله عن جواز قول "سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَك رَبَّنَا وَإِلَيْك الْمَصِيرُ" بدلاً عن سجود التلاوة، فقال: "إنَّ ذَلِكَ لَا أَصْلَ لَهُ، فَلَا يَقُومُ مَقَامَ السَّجْدَةِ، بَلْ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ إنْ قَصَدَ الْقِرَاءَةَ لأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ شَيْءٌ".
  • سُئل ابن عثيمين -رحمه الله- عن ترديد: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كلّ شيءٍ قديرٌ" أربع مراتٍ بدلاً عن سجود التلاوة لمن لا يستطيع أداؤه، فقال: "إذا مرّ القارئ بآية سجدة، فإن كان في محلٍّ يمكنه فيه السجود فليسجد استحباباً، ولا يجب السجود على القول الراجح؛ لأنّه ثبت عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قرأ وهو يخطب يوم الجمعة آية السجدة فنزل وسجد، ثمّ قرأها في الجمعة الثانية فلم يسجد وقال: (إنّ الله لم يفرض علينا السجود إلّا أن نشاء) وإذا لم يسجد فإنّه لا يقول شيئاً بدل السجود؛ لأنّ ذلك بدعةٌ، ودليله أنّ زيد بن ثابت قرأ عند النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- سورة النجم فلم يسجد فيها، ولم يعلّمه النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- شيئاً يقوله بدلاً عن السجود".


وتجدر الإشارة إلى جواز الإيماء بسجود التلاوة عند عدم استطاعة أدائه؛ ويُراد بالإيمان الإشارة والانحناء بالرأس دون الوصول به إلى الأرض، وفي ذلك قال العلماء المعاصرين: "إذا كان الإنسان يقرأ القرآن، فمرّت به آيةٌ فيها سجدة، فيُشرع له السجود على الأرض إن تمكّن من ذلك، وإن لم يتمكّن من ذلك، كأن يكون راكبًا في سيارة: فيومئ إيماءً، على حسب استطاعته".[٦]


المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 212. بتصرّف.
  2. ابن عثيمين، لقاء الباب المفتوح، صفحة 13. بتصرّف.
  3. محمد صالح المنجد (12/4/2009)، "هل يجوز الاكتفاء بالتسبيح والذكر عن سجود التلاوة؟"، إسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 16/3/2021. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2697، صحيح.
  5. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن العرباض بن سارية، الصفحة أو الرقم:2549، صحيح.
  6. محمد صالح المنجد (15/4/2019)، "يجوز لمن تعذر عليه سجود التلاوة أن يومئ بالسجود"، إسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 16/3/2021. بتصرّف.