الدعاء

الدعاء عبادةٌ من أجلّ وأعظم العبادات، إذ إنّه يُظهر حاجة العبد وافتقاره إلى ربّه، ممّا يجعله منكسراً ذليلاً له، قال -عليه الصلاة والسلام-: (الدُّعاءُ هو العبادةُ)،[١] وقد وعد الله -تعالى- عباده باستجابة دعائهم، إذ قال: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)،[٢] ويُتحرّى الدعاء في أوقات معيّنةٍ؛ منها: الدعاء في قيام الليل.[٣]


استجابة الدعاء في قيام الليل

الدعاء في قيام الليل موطنٌ من مواطن استجابة الدعاء؛ أي من الأوقات التي يغلب على الظنّ أنّ الدعاء فيها مستجابٌ بإذن الله، ويستحبّ للمسلم التقرّب من الله بالدعاء في ذلك الوقت وخاصّةً آخر الليل، استدلالاً بعدّة أحاديث نبويةٍ يُذكر منها:[٤]

  • أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (يَنْزِلُ رَبُّنا تَبارَكَ وتَعالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّماءِ الدُّنْيا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فيَقولُ: مَن يَدْعُونِي فأسْتَجِيبَ له، مَن يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَن يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ له).[٥]
  • أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- قال: (سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يقولُ: إنَّ في اللَّيْلِ لَسَاعَةً لا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ، يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا مِن أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ، وَذلكَ كُلَّ لَيْلَةٍ).[٦]
  • ورد عن عمرو بن عبسة أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (أقرَبُ ما يَكونُ الرَّبُّ منَ العبدِ في جوفِ اللَّيلِ الآخرِ ، فإن استَطعتَ أن تَكونَ مِمَّن يذكرُ اللَّهَ في تلكَ السَّاعةِ فَكُن).[٧]


أسباب استجابة الدعاء

تتعدّد الأمور التي تكون سبباً في استجابة الدعاء، بيان البعض منها آتياً:[٨]

  • الثناء على الله -تعالى- وحمده والصلاة على النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أوّل الدعاء.
  • التقرّب من الله -سبحانه- بالدعاء في أوقات الاستجابة، ومنها: آخر الليل -كما سبق بيانه-.
  • استقبال القبلة ورفع اليدَين عند الدعاء.
  • التوبة إلى الله -تعالى- والاستغفار وتجنّب ارتكاب المعاصي والمحرّمات.
  • عدم الاعتداء بالدعاء؛ أي أن يكون الدعاء بالأمور النافعة الصالحة، فلا يكون الدعاء بإثمٍ أو قطيعة رحمٍ.
  • الدعاء بيقينٍ بأنّ الله -تعالى- سيتجيبه ويحقّق للعبد حاجته وسؤاله.
  • الحرص على الأمور الصالحة؛ كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
  • الإلحاح في الدعاء؛ أي تكراره مراتٍ عديدةٍ.
  • الحرص على ردّ الحقوق إلى أصحابها، والابتعاد عن ظُلم العباد.
  • الإكثار من ذكر الله في كلّ الأوقات.


من أدعية النبي في الصلوات

علّم النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- الصحابة -رضي الله عنهم- استفتاح الدعاء بحَمْد الله -تعالى- والثناء عليه، والصلاة على النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، ثمّ سؤال وطلب الحاجات،[٩] وقد ثبتت عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- عدّة صيغٍ للدعاء كان يردّدها في صلواته، يُذكر منها:[١٠]

  • (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ).[١١]
  • (اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِنَ العَجْزِ، وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ، وَالْبُخْلِ، وَالْهَرَمِ، وَعَذَابِ، القَبْرِ اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَن زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِن عِلْمٍ لا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لا يُسْتَجَابُ لَهَا).[١٢]
  • (اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ الثَّباتَ في الأمرِ والعزيمةَ على الرُّشدِ وأسألُكَ شُكرَ نعمتِكَ وحُسنَ عبادتِكَ وأسألُكَ قلبًا سليمًا ولسانًا صادقًا وأسألُكَ من خيرِ ما تَعلمُ وأعوذُ بِكَ من شرِّ ما تعلَمُ وأستغفرُكَ لما تعلَم).[١٣]


المراجع

  1. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن النعمان بن بشير والبراء بن عازب، الصفحة أو الرقم:3407، صحيح.
  2. سورة غافر، آية:60
  3. عبدالسلام بن محمد الرويحي (29/8/2017)، "فضل الدعاء وأركانه وآدابه وجوامعه"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 13/4/2021. بتصرّف.
  4. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 219-222. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:7494، صحيح.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:757، صحيح.
  7. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عمرو بن عبسة، الصفحة أو الرقم:3579، صحيح.
  8. يوسف المطردي (21/10/2017)، "أسباب إجابة الدعاء"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 13/4/2021. بتصرّف.
  9. سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي، أبو القاسم الطبراني، الدعاء للطبراني، صفحة 46-47. بتصرّف.
  10. محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية، زاد المعاد في هدي خير العباد، صفحة 253-254. بتصرّف.
  11. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:589، صحيح.
  12. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن زيد بن أرقم، الصفحة أو الرقم:2722، صحيح.
  13. رواه الألباني، في تخريج شكاة المصابيح، عن شداد بن أوس، الصفحة أو الرقم:915، صحيح لغيره.