صلاة التراويح هي صلاة القيام في رمضان، ولا تُؤدّى إلّا فيه، وكما خصّ الله -تعالى- شهر رمضان وميّزه عن سائر الشهور بأنّه شهر الصّوم، فقد خصّه أيضاً بأنّه شهر صلاة التراويح، ويتمثّل قيام ليال رمضان بأداء هذه الصلاة،[١] ويجتمع في شهر رمضان على المسلم جهادان يجاهد فيهما نفسه في الليل والنهار؛ هما: مجاهدةٌ في النهار على الصيام، ومجاهدةٌ في الليل على القيام.[٢]


معنى صلاة التراويح

بيان تعريف صلاة التراويح في اللغة والاصطلاح الشرعيّ آتياً:

التراويح لغةً: التراويح جمعٌ مفردها ترويحةٌ، ويرجع معناها في أصل اللغة إلى الجلسة؛ ومن ذلك إطلاق اسم التراويح على الجلسة في قيام ليل رمضان بعد أربع ركعاتٍ؛ للاستراحة فيها.[٣]

صلاة التروايح اصطلاحاً: هي قيام ليل شهر رمضان ركعتين ركعتين؛ أي بالتسليم من كلّ ركعتين، وأطلق على هذه الصلاة تراويح؛ لطول القيام فيها، فيجلس المصلّون للاستراحة عقب أدائهم أربع ركعاتٍ.[٤]


عدد ركعات صلاة التراويح

اختلف العلماء في عدد ركعات صلاة التراويح، وبيان أقوالهم في الآتي:[٥]

  • صلاة التراويح ثماني ركعاتٍ؛ وهو قول المحدّثين والمحقّقين، مستدلّين بما روته عائشة -رضي الله عنها- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه: (ما كانَ يَزِيدُ في رَمَضَانَ ولَا في غيرِهِ علَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً)،[٦] فقالوا: إنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- كان يصلّي ثماني ركعاتٍ قيامٍ وثلاث ركعات وترٍ، ولم يكن يزيد عليها في رمضان أو سواه.
  • صلاة التراويح عشرون ركعةً؛ وهو ما عليه أئمة المذاهب: أبو حنيفة والشافعيّ وأحمد؛ استناداً إلى الآثار المرويّة عن عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- وفعله أيضاً.
  • صلاة التراويح ستٌّ وثلاثون ركعةً؛ كما قال الإمام مالك.


حكم صلاة التراويح

صلاة التّراويح سنّةٌ باتّفاق العلماء، وقد أدّاها النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- مع الصحابة جماعةً في ليالٍ من رمضان، ولكنّه لم يؤدّها في كلّ الليالي؛ خشية أن تُفرض على المسلمين، فقد ثبت عنه -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه: (صَلَّى ذَاتَ لَيْلَةٍ في المَسْجِدِ، فَصَلَّى بصَلَاتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى مِنَ القَابِلَةِ، فَكَثُرَ النَّاسُ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ، فَلَمْ يَخْرُجْ إليهِم رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قالَ: قدْ رَأَيْتُ الذي صَنَعْتُمْ ولَمْ يَمْنَعْنِي مِنَ الخُرُوجِ إلَيْكُمْ إلَّا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ علَيْكُم وذلكَ في رَمَضَانَ).[٧][٤]


وقت صلاة التراويح

يبدأ وقت صلاة التراويح من بعد أداء صلاة العشاء وسنّتها وقبل أداء الوتر، ويستمرّ وقتها إلى طلوع الفجر.[٤]


كيفية صلاة التراويح

تصلّى صلاة التراويح ركعتين ركعتين، وقد ذهب الفقهاء إلى أنّ المصلي يسلّم بعد كلّ ركعتين؛ لأنّها من قيام الليل فتؤدّى مثله.[٤]


أداء صلاة التراويح جماعةً

اتّفق العلماء على مشروعيّة أداء صلاة التراويح جماعةً؛ لأنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أدّاها في جماعةٍ، وتتابع عمل الصحابة بعده على ذلك، وقد جمع عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- المسلمين على إمامٍ واحدٍ في صلاة التراويح؛ فقد ثبت عن عبد الرحمن بن عبد القاري: (خَرَجْتُ مع عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، لَيْلَةً في رَمَضَانَ إلى المَسْجِدِ، فَإِذَا النَّاسُ أوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ، يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ، ويُصَلِّي الرَّجُلُ فيُصَلِّي بصَلَاتِهِ الرَّهْطُ، فَقَالَ عُمَرُ: إنِّي أرَى لو جَمَعْتُ هَؤُلَاءِ علَى قَارِئٍ واحِدٍ، لَكانَ أمْثَلَ ثُمَّ عَزَمَ، فَجَمعهُمْ علَى أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ).[٨][٤]


ما يُقرأ في صلاة التراويح

قراءة الإمام للقرآن حتّى يختمه مرةً في صلاة التراويح طوال ليالي رمضان مندوبٌ عند أكثر الفقهاء، ومن فقهاء الحنفيّة من ذكر استحباب ختمه ليلة السابع والعشرين من رمضان.[٤]


فضل صلاة التراويح

يترتّب على صلاة التراويح فضلٌ عظيمٌ، لِما ثبت عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ)؛[٩] فمَن أدّى التراويح في ليالي رمضان مصّدقاً لما أخبر به النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- ومخلصاً نيّته لله تعالى في قيامه، كُتب له الأجر وغُفرت ذنوبه، كما أنّ مَن صلّى التراويح في ليلةٍ من رمضان ولزم الإمام حتى يغادر، كُتب له قيام الليلة كاملةً؛ مصداقاً لما أورده أبو ذرٍّ -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (صُمْنا مع نبيِّ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رمضانَ فلم يقُمْ بنا في السَّادسةِ وقام بنا في الخامسةِ حتَّى ذهَب ينتظرُ اللَّيلَ فقُلْنا: يا رسولَ اللهِ لو نفَّلْتَنا بقيَّةَ ليلتِنا هذه فقال: إنَّه مَن قام مع الإمامِ حتَّى ينصرِفَ كُتِب له قيامُ ليلةٍ).[١٠][١]


المراجع

  1. ^ أ ب سعيد بن وهي القحطاني، فضائل الصيام وقيام صلاة التراويح، صفحة 51-53. بتصرّف.
  2. ابن رجب الحنبلي، لطائف المعارف، صفحة 171.
  3. "تعريف وشرح ومعنى تراويح"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-18. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت ث ج ح مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 135-148. بتصرّف.
  5. محمد ضياء الرحمن الأعظمي، صلاة التراويح، صفحة 34-36. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2013، صحيح.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1129، صحيح.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الرحمن بن عبد القاري، الصفحة أو الرقم:2010، صحيح.
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:759، صحيح.
  10. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم:2547، أخرجه في صحيحه.