حكم النوم عن الصلاة لعذر دون تعمد

إنّ النوم الذي تفوت بسببه الصلاة منه ما يُعذر فيه صاحبه ومنه ما لا يُعذر فيه، فمَن غلبه النّوم فنام عن الصلاة مع أخذه بالأسباب التي تُعينه على الاستيقاظ فلا إثم عليه، ويدلّ على ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أَما إنَّه ليسَ فِيَّ النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إنَّما التَّفْرِيطُ علَى مَن لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةَ الأُخْرَى، فمَن فَعَلَ ذلكَ فَلْيُصَلِّهَا حِينَ يَنْتَبِهُ لَهَا).[١][٢]


وقال الفقهاء أيضاً: مَن نام قبل دخول وقت الصلاة وهو يغلب على ظنّه أنّه لن يستيقظ في وقت الصلاة لم يمتنع عنه النّوم، فإن استيقظ في وقت الصلاة وجب عليه أداؤها، ويأثم إذا فاتت بعد ذلك،[٣] ولكن يجب على المرء قبل نومه أن يحرص على الأخذ بالأسباب التي تُعينه على الاستيقاظ وقت الصلاة.[٤]


وإذا أخذ المرء بالأسباب ولم يستيقظ فهو معذور، وليس عليه شيء، لقول الله -تعالى-: (لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)،[٥] وقد حصل هذا الأمر مع النبي الكريم وأصحابه ذات مرةٍ في سفرهم، حيث طلبوا من النبي الكريم أن يستريحوا في آخر الليل، فقال لهم النبي الكريم: (أخَافُ أنْ تَنَامُوا عَنِ الصَّلَاةِ).[٦][٤]


وحينها اقترح بلال -رضي الله عنه- أن يبقى مستيقظاً ليوقظهم، فناموا، وأثناء ذلك غلب النّعاس بلال -رضي الله عنه- ونام معهم، فاستيقظ النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد خروج وقت صلاة الفجر، فقال: (يا بلَالُ، أيْنَ ما قُلْتَ؟ قَالَ: ما أُلْقِيَتْ عَلَيَّ نَوْمَةٌ مِثْلُهَا قَطُّ، قَالَ: إنَّ اللَّهَ قَبَضَ أرْوَاحَكُمْ حِينَ شَاءَ، ورَدَّهَا علَيْكُم حِينَ شَاءَ، يا بلَالُ، قُمْ فأذِّنْ بالنَّاسِ بالصَّلَاةِ فَتَوَضَّأَ، فَلَمَّا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ وابْيَضَّتْ، قَامَ فَصَلَّى).[٦][٤]


حكم مَن نام عن الصلاة بدون عذر

إذا دخل وقت الصلاة فلا يجوز للمرء أن ينام إلا إذا كان واثقاً أنّه سيستيقظ قبل فوات وقتها، وإلا أثِم على ذلك، والأوْلى أن يُحافظ على الصلاة في وقتها قبل أن ينام حتى لا يُضيّعها، فإن أراد النوم قبل أدائها فيجب أن يتيقّن أنّه سيستيقظ قبل خروج وقتها، فإنْ فعل ذلك واستيقظ جاز، أمّا إذا استيقظ بعد خروج وقتها أثِم على ذلك، ويجب عليه أن يقضيها ويتوب إلى الله -تعالى-.[٧]


ومَن نام بعد دخول وقت الصلاة وهو يعلم أنّه لن يستيقظ إلا بعد خروج وقتها فقد أثِم إثمين؛ إثم التقصير والتسبب بتضييع الصلاة، وإثم فوات الصلاة عليه إذا لم يستيقظ، فإن استيقظ وأدّى الصلاة قبل خروج وقتها لزمه التوبة والاستغفار؛ لأنّه نام مع علمه بأنّ نومه هذا قد يُضيّع عليه الصلاة حتى وإن استيقظ على خلاف ظنّه، ولذلك قال أهل العلم: "يأثم بالنوم".[٧]


قضاء الصلاة بعد الاستيقاظ من النوم

اتّفق الفقهاء على وجوب قضاء الصلاة على الفور إذا فاتت بدون عذر، وإذا كان تأخير الصلاة حتى خرج وقتها بعذر فيجب قضاؤها على الفور أيضاً عند جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَن نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّ إذَا ذَكَرَهَا، لا كَفَّارَةَ لَهَا إلَّا ذلكَ)،[٨][٩] بينما قال الشافعية بوجوب قضاء الصلاة على التراخي إذا كان تأخيرها لعذر.[١٠]

المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي قتادة الحارث بن ربعي، الصفحة أو الرقم:681، صحيح.
  2. "النوم عن الصلاة بين التفريط وعدمه"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 9/8/2023. بتصرّف.
  3. "فوات الصلاة بسبب النوم بين العذر وعدمه"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 9/8/2023. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت "يشق عليه القيام للصلوات نظراً لظروف عمله وثقَل نومه"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 9/8/2023. بتصرّف.
  5. سورة البقرة، آية:286
  6. ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي قتادة الحارث بن ربعي، الصفحة أو الرقم:595، صحيح.
  7. ^ أ ب "النوم وترك الصلاة"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 9/8/2023. بتصرّف.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:597، صحيح.
  9. "قضاء الصلاة إذا خرج وقتها"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 9/8/2023. بتصرّف.
  10. عبد الرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 446، جزء 1. بتصرّف.