صلاة الحاجة

الحاجة كما عرّفها الشاطبيّ هي: الأمر الذي يحتاج ويفتقر إليه العبد، للتوسعة ورفع الضيق والحرج والمشقّة عنه، وتحقيق المصلحة له،[١] وصلاة الحاجة هي: الصلاة التي تؤدّى بكيفيةٍ مخصوصةٍ محددةٍ؛ بغرض تحقيق مصلحةٍ من المصالح التي يحتاجها العبد ويفتقر إليها، بهذف صلاح دِينه ودُنياه،[٢] وتجدر الإشارة إلى أنّ صلاة الحاجة أو ما تسمّى بصلاة السبب من النوافل المُطلقة أو صلاة التطوّع، فالصلاة من أعظم وأحبّ الأعمال إلى الله -سبحانه-، وقد شُرعت صلاة التطوّع جبراً للنقص والخلل الذي قد يقع في الفرائض، كما أنّها تكفّر الذنوب والخطايا، وترفع الدرجات، وتُضاعف الحسنات والأُجور، وينال بها العبد محبّة الله -سبحانه-، قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (عليك بكثرةِ السجودِ، فإنك لا تسجدُ للهِ سجدةً إلا رفعَك اللهُ بها درجةً، وحطَّ بها عنك خطيئةً).[٣][٤]


حكم صلاة الحاجة

اتّفق العلماء على استحباب أداء صلاة الحاجة، استدلالاً بعدّة أدلةٍ بيانها آتياً، مع الإشارة إلى أنّ فضائل الأعمال يُعمل بها إن اندرجت تحت أصلٍ ثابت من أصول الشريعة، ولم تخالف ثوابتها؛ وذلك المتحقّق في صلاة الحاجة، والأدلة هي:[١][٥]

  • ما ورد أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (مَن كانت له حاجةٌ إلى اللهِ، أو إلى أحدٍ من بني آدمَ، فلْيَتَوَضَّأْ، فلْيُحْسِنِ الوضوءَ، ثم لِيُصَلِّ ركعتينِ، ثم لِيُثْنِ على اللهِ، ولْيُصَلِّ على النبيِّ، ثم لِيَقُلْ: لا إله إلا اللهُ الحليمُ الكريمُ، سبحانَ اللهِ ربِّ العرشِ العظيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، أسألُكَ مُوجِبَاتِ رحمتِكَ وعَزَائِمَ مغفرتِكَ، والغنيمةَ من كلِّ بِرٍّ، والسلامةَ من كلِّ إثمٍ، لا تَدَعْ لي ذنبًا إلا غَفَرْتَه، ولا هَمًّا إلا فَرَّجْتَه، ولا حاجةً هي لك رِضًا، إلا قَضَيْتَها يا أرحمَ الراحِمِينَ)،[٦] وتجدر الإشارة إلى أنّ الحديث ضعيفٌ إلّا أنّ العلماء استدلّوا به، باعتبار صلاة الحاجة من فضائل الأعمال.[١]
  • ما ورد عن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (كان إذا حزَبَهُ أمرٌ صلَّى)،[٧] وقال الله -تعالى- أيضاً: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ)،[٨] فالاستعانة بالله -تعالى- في تحقيق الحاجات والمصالح، والتقرّب منه بالصلاة من الأمور الطيبة الحسنة، التي تكون سبباً في تحقيق المُراد.[٩]
  • ما ورد عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (مَن تَوَضَّأ فأسبَغَ الوُضوءَ، ثمَّ صَلَّى رَكعَتينِ بتَمامِهما، أعطاه اللهُ ما سألَ مُعَجَّلًا ومُؤَخَّرًا).[١٠][١١]
  • ما ورد عن عثمان بن حنيف -رضي الله عنه-: (أنَّ رجلًا ضريرَ البَصرِ أتى النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فقالَ: ادعُ اللَّهَ أن يعافيَني قالَ: إن شئتَ دعوتُ، وإن شِئتَ صبرتَ فَهوَ خيرٌ لَكَ. قالَ: فادعُهْ، قالَ: فأمرَهُ أن يتوضَّأَ فيُحْسِنَ وضوءَهُ ويدعوَ بِهَذا الدُّعاءِ: اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ وأتوجَّهُ إليكَ بنبيِّكَ محمَّدٍ نبيِّ الرَّحمةِ، إنِّي توجَّهتُ بِكَ إلى ربِّي في حاجَتي هذِهِ لتقضى ليَ، اللَّهمَّ فشفِّعهُ فيَّ).[١٢][١٣]


المراجع

  1. ^ أ ب ت مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 211-212. بتصرّف.
  2. أبو حامد الغزالي، إحياء علوم الدين، صفحة 206. بتصرّف.
  3. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن ثوبان وأبي الدرداء، الصفحة أو الرقم:4050، صحيح.
  4. د. أمين بن عبدالله الشقاوي (11/11/2016)، "صلاة التطوع"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 16/2/2021. بتصرّف.
  5. "صلاة الحاجة ركعتان غير الفريضة مع الدعاء"، إسلام ويب، 15/8/2001، اطّلع عليه بتاريخ 16/2/2021. بتصرّف.
  6. رواه الألباني، في ضعيف الجامع، عن عبدالله بن أبي أوفى، الصفحة أو الرقم:5809، ضعيف.
  7. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن حذيفة بن اليمان، الصفحة أو الرقم:4703، حسن.
  8. سورة البقرة، آية:45
  9. "حكم صلاة الحاجة"، ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 16/2/2021. بتصرّف.
  10. رواه ابن حجر العسقلاني، في الفتوحات الربانية، عن أبي الدرداء، الصفحة أو الرقم:4/299، حسن.
  11. سيد سابق، فقه السنة، صفحة 213. بتصرّف.
  12. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عثمان بن حنيف، الصفحة أو الرقم:3578، صحيح.
  13. "عاهدتُ الله أن أصلي يومياً صلاة الحاجة"، دار الإفتاء، 19/4/2009، اطّلع عليه بتاريخ 16/2/2021. بتصرّف.