شرع الله -سبحانه وتعالى- أداء ركعتي سنّة الفجر، وهي من قبيل السنن الرواتب القبليّة؛ أي التي تُؤدّى قبل الفرض،[١] وفيما يأتي مزيد تفصيلٍ عن سنّة الفجر القبليّة.


لماذا تؤدّى سنّة الفجر قبل الفرض؟

إنّ من أحكام الله -تعالى- ما يكون معقول المعنى؛ أي يُعرف سبب تشريعه والحكمة منه بنصٍّ من القرآن الكريم والسنة، ومنها ما يكون تعبّديًّا؛ أي خفي سببه والحكمة من تشريعه، ولم يرد في الحكمة من تشريعه نصٌّ، ويكون على المسلم في مثل هذه الحالة أن ينزل عند أمر الله -تعالى- ويطيعه وإن لم يعرف الحكمة منه؛ لأنّها أحكامٌ صادرةٌ عن إلهٍ حكيمٍ عليم، يختبر الله -سبحانه وتعالى- فيها التزام المسلم وامتثاله لأمره وإن لم يعرف الحكمة من الأمر، ولعلّ مواقيت الصلاة وعدد ركعاتها ومتى تؤدّى من قبيل الأحكام التي لم يأتي نصٌّ في سببها والحكمة من كونها كذلك.[٢]


وقد اجتهد جملةٌ من العلماء في التماس المعنى من تشريع السنن القبليّة -بما فيها سنّة الفجر-، فقال بعضهم إنّ السنن الرواتب التي تؤدّى قبل صلاة الفريضة كسنّة الفجر القبليّة والسنّة قبل فرض الظهر؛ تُسهم في تهيئة المسلم لأداء الفرض، واستحضار قلبه وإتمام خشوعه قبل البدء الفرض؛ حتّى يدخل إلى الفريضة بخشوعٍ وحضور قلبٍ أكبر، خاصَّةً وأنّ الوقت والمدّة بين فرض العشاء والفجر طويلةٌ، فيفتتح المسلم بسنّة الفجر قبل الدخول إلى الفرض، بحضورٍ وخشوعٍ أكبر.[٣]


حول سنّة الفجر

كيفيّة أدائها

ورد عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّها كان يؤدّي سنّة الفجر قبل فرضها بركعتين خفيفتين؛ أي لم يكن يطيل فيهما، كما روت عنه أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّه: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ بيْنَ النِّدَاءِ والإِقَامَةِ مِن صَلَاةِ الصُّبْحِ)،[٤] وكان يقرأ في هاتين الركعتين سورتي الإخلاص وسورة الكافرون، وورد في روايةٍ أخرى أنّه كان يقرأ في الركعة الأولى بقوله تعالى من سورة البقرة: (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّـهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا)،[٥] وفي الركعة الثانية كان يقرأ بقوله تعالى من سورة آل عمران: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ)،[٦]ويسنّ للمسلم أن يضطجع على جنبه الأيمن بعد التسليم من سنّة الفجر؛ لما ورد عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه كان يفعل ذلك.[٧]


فضلها

إنّ لسنّة الفجر على وجه الخصوص مزيد فضلٍ عن سائر السنن الرواتب؛ فهي أكثر السنن تأكيدًا، حيث لم يكن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- يتركها لا في سفره ولا في إقامته، رغم أنّه -عليه الصلاة والسلام- كان يقتصر في سفره على أداء الفرض إلّا سنّة الفجر فلم يكن يتركها، كما أنّه لأهمّيتها وفضلها كان يقضيها إذا فاتته،[١] وممّا رُوي عنه -عليه الصلاة والسلام- في فضلها أنّه قال: (رَكْعَتا الفَجرِ خيرٌ منَ الدُّنيا جميعًا)،[٨] وفي روايةٍ أُخرى: (رَكْعتا الفَجرِ أحبُّ إليَّ منَ الدُّنيا جميعًا).[٨][٩]

المراجع

  1. ^ أ ب صالح الفوزان، الملخص الفقهي، صفحة 172-177. بتصرّف.
  2. "لماذا نصلي خمس صلوات؟"، الإسلام سؤال وجواب، 26/2/2004، اطّلع عليه بتاريخ 1/8/2022. بتصرّف.
  3. محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 589. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:619 ، حديث صحيح.
  5. سورة البقرة، آية:136
  6. سورة آل عمران، آية:64
  7. خالد الحسينان، أكثر من 1000 سنة في اليوم والليلة، صفحة 40-41. بتصرّف.
  8. ^ أ ب رواه ابن خزيمة، في صحيح ابن خزيمة، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:288، أخرجه في صحيحه.
  9. "سنة الفجر"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 1/8/2022. بتصرّف.