أشارت نصوصٌ شرعيَّةٌ إلى أنّ الفجر ينقسم إلى فجرٍ صادقٍ وفجرٍ كاذبٍ، ففي القرآن الكريم جاء في قوله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ)،[١] وفي الحديث الشريف من قول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (الفجرُ فجرانِ..)،[٢] وبين الفجر الصادق والفجر الكاذب فروقٌ، ولكلٍّ منهما علاماتٌ تميّزهما، كما أنّ الله -تعالى- قد رتّب جملةً من أحكام العبادات وعلّقها على ظهور الفجر الصادق، وفيما يأتي بيانٌ لمعنى الفجر الصادق، وتوضيحٌ لعلاماته التي يُعرف بها، وما يترتّب على ظهوره من أحكامٍ.


كيفيّة معرفة الفجر الصادق

معرفة الفجر الصادق بالعلامات

يمكن معرفة الفجر الصادق بعلامات ثلاثةٍ ذكرها العلماء، وهي:[٣]

  • ظهوره معترضًا في أفق السماء من الشمال إلى الجنوب: لذا أطلق عليه بعض العلماء بالبياض المعترض؛ لأنّ ضوءه ونوره عترض أفق السماء، ويمتدّ من الشمال إلى الجنوب.
  • نوره يزداد وينتشر: إذ إنّ نور الفجر الصادق بعد ظهوره يزداد ويمتدّ وينتشر في السماء، ولا يتلاشى أو يختفي؛ لذا يُطلق بعض العلماء على الفجر الصادق اسم الفجر المستطير، والمستطير هو المنتشر الشائع.
  • اتصال نوره بالأفق: فالفجر الصادق يتّصل نوره بالأفق؛ أي لا يفصل بينه وبين الأفق ظلمةٌ.


وممّا ورد في وصف العلماء للفجر الصادق ما ذكره الإمام الحطّاب: "الْفَجْرِ الصَّادِقِ وَهُوَ الضِّيَاءُ الْمُعْتَرِضُ فِي الْأُفُقِ، وَيُقَالُ لَهُ: الْفَجْرُ الْمُسْتَطِيرُ بِالرَّاءِ أَيْ: الْمُنْتَشِرُ الشَّائِعُ قَالَ اللَّهُ -تَعَالَى-: {وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا}، وَقَالَ فِي الطِّرَازِ الْفَجْرُ الْمُسْتَطِيرُ شُبِّهَ بِالطَّائِرِ يَفْتَحُ جَنَاحَيْهِ وَهُوَ الْفَجْرُ الثَّانِي".[٤]


معرفة الفجر الصادق في الوقت الحاضر

يُعرف الفجر الصادق في الوقت الحاضر بأنّه الفجر المقترن بالأذان الثاني الذي يُنادى لصلاة الفجر؛ فالأذان الأوّل يكون مقترنًا بالفجر الكاذب، فيؤذّن المؤذّن الأذان الثاني؛ معلنًا به دخول افجر الصادق الذي تُباح به صلاة الفجر ويدخل وقتها،[٥] كما أنّ في الأذان الثاني الذي يدلّ على دخول الفجر الصادق، يقول المؤذّن في الأذان بعد حي على الفلاح: "الصلاة خيرٌ من النوم".[٦]


الفرق بين الفجر الصادق والفجر الكاذب

جاء في الحديث عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- ذكرٌ لوجهٍ من الفرق بين الفجر الصادق والكاذب، وذلك من قوله -عليه الصلاة والسلام-: (الفجرُ فجرانِ؛ فأمَّا الفجرُ الذي يكونُ كذنَبِ السَّرْحانِ فلا يُحِلُّ الصلاةَ، ولَا يُحَرِّمُ الطعامَ، وأَما الفجرُ الذي يذهبُ مُسْتَطِيلًا في الأفُقِ، فإِنَّه يُحِلُّ الصلاةَ، ويُحَرِّمُ الطعامَ)؛[٢] فالفجر الكاذب كما في الحديث كذنب السرحان أي ذنب الذئب؛ يظهر في أفق السماء ممتدًّا طولًا من الشرق إلى الغرب؛ أي لا يعترض الأفق ويمتدّ فيه كالفجر الصادق، والفجر الكاذب لا يستمر في السماء وينتشر بل تتبعه ظلمةٌ، ولا يكون متّصلًا بالأفق، بل تفصل بينهما ظلمةٌ، ولا يترتّب على الفجر الكاذب أيٌّ من الأحكام.[٧]


ما يترتّب على ظهور الفجر الصادق

يترتّب على ظهور الفجر الصادق جملةٌ من الأحكام المتعلّقة بالعبادات، ومنها: دخول وقت صلاة الفجر، ووجوب الإمساك عن الطعام، فبمجرّد نداء المؤذّن للفجر النداء الثاني، يكون ذلك إعلانًا لدخول الفجر الصادق، وبه يدخل وقت الفجر، ويُمسك الصائم عن المفطرات من طعامٍ وشرابٍ وغيرها، أمّا الأذان الأوّل المتعلّق بالفجر الكاذب؛ فلا يترتّب عليه شيءٌ؛ إنّما هو تنبيهٌ وتذكيرٌ للنائم حتى يستيقظ ويستعدّ للفجر، ولمن نوى الصيام أن يُعجّل فيتسحّر قبل أن يحلّ وقت الفجر الصادق الذي يُمسك عنده الصائم.[٥]

المراجع

  1. سورة البقرة، آية:187
  2. ^ أ ب رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:4278، صحيح.
  3. "علامات الفجر الصادق"، إسلام ويب، 6/6/2021، اطّلع عليه بتاريخ 1/9/2022. بتصرّف.
  4. الحطّاب، مواهب الجليل في شرح مختصر خليل، صفحة 399.
  5. ^ أ ب عدنان العرعور، الفجر فجران، صفحة 2. بتصرّف.
  6. "متى يقال: "الصلاة خير من النوم" في الأذان الأول أم الثاني؟"، الإسلام سؤال وجواب، 15/6/2005، اطّلع عليه بتاريخ 4/9/2022. بتصرّف.
  7. "شرح حديث: الفجر فجران"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 1/9/2022. بتصرّف.