ما حكم من سلم قبل الإمام؟

ذهب كلٌّ من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنَّ التسليم ركنٌ من أركان الصلاة، أمّا الحنفيّة فقالوا إنّه واجبٌ من واجباتها،[١] وسلام المأموم قبل إمامه له عدّة حالاتٍ بيانها آتياً:[٢]

  • تبطل صلاة مَن سلّم قبل الإمام عمداً دون عذرٍ، قال الإمام الباجي في شرح موطأ الإمام مالك: "فإن سلّم قبل الإمام عامداً بطلت صلاته، وإن سلّم ساهياً لم تبطل صلاته وحمل عنه الإمام سهوه".[٣]
  • لا تبطل صلاة مَن سلّم قبل الإمام سهواً، وعليه أن يُعيد نيّته إلى الصلاة ويرجع، فيسلّم بعد تسليم الإمام، فإن لم يفعل ذلك فإنّ صلاته باطلةٌ، قال الشيخ ابن باز -رحمه الله-: "إذا سلّم المأموم قبل الإمام سهواً فإنّه يرجع إلى نية الصلاة ثمّ يسلّم بعد إمامه ولا شيء عليه وصلاته صحيحةٌ، وإذا سلّم قبل إمامه سهواً ثمّ انتبه فإنّه يعود إلى نية الصلاة ثمّ يسلّم بعد إمامه ولا شيء عليه إلّا أن يكون مسبوقاً؛ فإن كان مسبوقاً بركعةٍ أو أكثر فإنّه يسجد للسهو بعدما يقضي ما عليه من الركعات عن سلامه سهواً قبل إمامه".[١]
  • لا تبطل صلاة مَن سلّم قبل الإمام عمداً لوجود عذرٍ متعبرٍ -كما سيأتي بيانه-.


الأعذار التي تبيح للمأموم أن يسلم قبل الإمام

اتفق العلماء على جواز انفراد المأموم عن الإمام، وأن يسلّم قبله عند وجود عذرٍ معتبرٍ، واستدلوا على ذلك بما رواه الصحابيُّ صالح بن خوَّات: (عمَّن صلَّى معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يومَ ذاتِ الرِّقاعِ صلاةَ الخَوفِ أنَّ طائفةً صفَّت معَهُ ، وطائفةً وِجاهَ العدوِّ فصلَّى بالَّذينَ معَهُ رَكْعةً ثمَّ ثبتَ قائمًا وأتمُّوا لأنفسِهِم ثمَّ انصَرفوا فصفُّوا وِجاهَ العدوِّ وجاءتِ الطَّائفةُ الأخرى فصلَّى بِهِمُ الرَّكعةَ الَّتي بقيَتْ مِن صلاتِهِ ثمَّ ثبَتَ جالسًا وأتمُّوا لأنفسِهِم ، ثمَّ سلَّمَ بِهِم)،[٤][٥] وقد أشار العلماء إلى بعض الأعذار التي تُبيح للمأموم أن يسلّم من الصلاة قبل إمامه يُذكر منها:[٢]

  • إطالة الإمام الصلاة بحيث تخرج عن سنة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، ممّا يسبّب للمصلّين الحرج والمشقة، والمعتبر في عُذر الإطالة مخالفة هدي النبي -عليه الصلاة والسلام- لا مخالفة العادة، استدلالاً بما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله: (صَلَّى مُعَاذُ بنُ جَبَلٍ الأنْصَارِيُّ لأَصْحَابِهِ العِشَاءَ. فَطَوَّلَ عليهم فَانْصَرَفَ رَجُلٌ مِنَّا. فَصَلَّى فَأُخْبِرَ مُعَاذٌ عنْه فَقالَ: إنَّه مُنَافِقٌ فَلَمَّا بَلَغَ ذلكَ الرَّجُلَ دَخَلَ علَى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فأخْبَرَهُ ما قالَ مُعَاذٌ فَقالَ له النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: أتُرِيدُ أنْ تَكُونَ فَتَّانًا يا مُعَاذُ؟ إذَا أمَمْتَ النَّاسَ فَاقْرَأْ بـالشَّمْسِ وضُحَاهَا، وسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى، واقْرَأْ باسْمِ رَبِّكَ، واللَّيْلِ إذَا يَغْشَى).[٦]
  • أن يصيب المأموم قيءٌ أو ما شابهه، بحيث يتعذّر على المصلّي إتمام الصلاة مع الإمام، فيخفّف المأموم من صلاته ويسلّم لوحده.
  • أن يُصاب المأموم بغازاتٍ في بطنه أو احتباسٍ في البول أو الغائط بحيث يشقّ عليه إكمال الصلاة مع الإمام، فيخفّف من صلاته ويسلّم لوحده.
  • أن تكون عدد ركعات صلاة المأموم أقلّ من ركعات صلاة الإمام ويعتبر ذلك عذرٌ شرعي؛ كأن يُصلّي المغرب خلف مَن يصلّي العشاء، فينفرد ويقرأ التشهّد ويُسلّم، فلو اعتدل لأداء الركعة الرابعة لبطلت صلاته.

المراجع

  1. ^ أ ب مجموعة من العلماء، "حكم صلاة من سلم قبل الإمام "، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 18/11/2021. بتصرّف.
  2. ^ أ ب مجموعة من العلماء (6/5/2008)، "حكم صلاة المأموم إذا سلم قبل إمامه"، إسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 18/11/2021. بتصرّف.
  3. مجموعة من العلماء (14/9/2005)، "حكم من سلم قبل الإمام"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 18/11/2021. بتصرّف.
  4. رواه الألباني ، في صحيح النسائي، عن صالح بن خوات، الصفحة أو الرقم:1536، صحيح.
  5. [سعيد بن وهف القحطاني]، كتاب الإمامة في الصلاة، صفحة 85. بتصرّف.
  6. رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:465، صحيح.