الدعاء في الصلاة

الدّعاء في الصلاة ممّا حثّ عليه المولى -سبحانه- في كتابه العزيز، وثبتت الأحاديث به عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فقد دعا -عليه الصلاة والسلام- في صلاته، وعلّم أصحابه الدعاء في الصلاة، وثبت عنه أنّه قنت فدعا لقوم، ودعا على قوم، لذا فإنّ الدعاء بالخير مشروع في الصلاة، بما أحب المسلم من أمر دينه ودنياه، فيدعو لنفسه ولوالديه، ولمن أحب من إخوانه، وله أنْ يسميهم بأسمائهم.[١]


مواضع الدعاء في الصلاة

مواضع الدعاء في الصلاة متعدّدة، منها ما جاء على سبيل الدّعاء المطلق، ومنها ما ثبت بأدعية مخصوصة في مواضع مخصوصة، وهي تلك الأدعية والأذكار التي ثبتت في صفة صلاة النبيّ -عليه الصلاة والسلام- ويمكن توضيح ذلك فيما يأتي:

مواضع الدّعاء المطلق

هذه المواضع جاءت على سبيل الدّعاء المطلق، حيث يشرع للمسلم أنْ يدعو بما شاء من الأدعية المباحة وبما يحتاجه من مور الدنيا والآخرة، وله أنْ يطيل بها كما شاء، وهي:[٢]

  • في السجود، ودليله ما ثبت عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ الّنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ).[٣]
  • بعد التشهد الأخير وقبل السلام، ودليله ما صحّ عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- علّم أصحابه التّشهد؛ ثم قال: (ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنَ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ).[٤]
  • في قنوت الوتر، ففي الحديث عن الحسن بن عليّ -رضي الله عنه- أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- علّمه ما يقوله في قنوت الوتر: (اللَّهمَّ اهدِني فيمن هديت، وعافِني فيمن عافيتَ، وتولَّني فيمن تولَّيتَ، وبارِك لي فيما أعطيتَ، وقني شرَّ ما قضيتَ، إنَّكَ تقضي ولا يقضى عليْكَ، وإنَّهُ لا يذلُّ من واليتَ، ولا يعزُّ من عاديتَ، تبارَكتَ ربَّنا وتعاليتَ).[٥]


مواضع الدّعاء المقيّد

وهذه المواضع جاءت في معرض بيان صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهي:[٦]

  • دعاء الاستفتاح، ومحلّها بعد تكبيرة الإحرام، وقبل قراءة الفاتحة.
  • الدعاء في الرّكوع.
  • الدعاء بعد الرّفع من الرّكوع.
  • الدّعاء في السّجود، وله أنْ يزيد في الدّعاء عن المأثور -كما تمّ الإشارة له سابقاً.
  • الدّعاء بين السّجدتين.
  • الدّعاء بعد إتمام التّشهد وقبل التّسليم، وله أنْ يزيد في الدّعاء عن المأثور -كما تمّ الإشارة له سابقاً.


وقد أخرج البخاري عن أبي بكر الصّديق -رضي الله عنه-: (أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: علمني الدعاء أدعو به في صلاتي. قال: قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم).[٧]


وقد استدلّ بعض أهل العلم بهذا الحديث على جواز الدّعاء بما يختاره المصلّي من مواضع الدّعاء التي ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم الدّعاء فيها، من غير إلزام بموضع دون غيره، حيث لم يصرح بهذا الحديث بمحل للدعاء على وجه التّخصيص، ولعلّ الأوْلى أنْ يختار المصلّي أحد موطنين، وهما السجود أو التشهد؛ لأنّه أمر فيهما بالدعاء.[٨]


الزيادة في الدّعاء على ما ثبت بالمأثور

أفضل ما يدعو به المسلم في صلاة ما وافق هدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولكنْ يباح للمسلم إنْ لم يتيسّر له حفظ تلك الأدعية والأذكار المأثورة أنْ يدعو الله -تعالى- بما يفتح عليه من غير تكلّف أو عنتْ.


ودليل ذلك ما صح في الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لرجلٍ: (ما تقول في الصلاة؟ قال: أتشهد، ثم أسأل الله الجنة، وأعوذ به من النار، أَمَا والله ما أُحسن دَنْدَنَتَكَ ولا دَنْدَنَةَ معاذ؛ فقال: حولها نُدَنْدِنُ).[٩]

المراجع

  1. ابن المنذر (1985)، الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (الطبعة 1)، الرياض:دار طيبة، صفحة 243، جزء 3. بتصرّف.
  2. فريق الموقع (28/10/2011)، "مواضع الدعاء في الصلاة"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 25/3/2023. بتصرّف.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:482 ، صحيح.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:402 ، صحيح.
  5. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن الحسن بن علي، الصفحة أو الرقم:1425 ، صحيح.
  6. ابن القيم (2019)، زاد المعاد في هدي خير العباد (الطبعة 3)، الرياض:دار عطاءات العلم، صفحة 296-297، جزء 1. بتصرّف.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي بكر الصديق، الصفحة أو الرقم:799، صحيح.
  8. عبد القادر سيبة (1982)، شرح بلوغ المرام (الطبعة 1)، المدينة المنورة:مطابع الرشيد، صفحة 275، جزء 1. بتصرّف.
  9. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:792، صححه الألباني.