كيفية صلاة الفتح

ذهب أهل العلم القائلين بمشروعية صلاة الفتح إلى أنّ هذه الصلاة تتكون من ثماني ركعات لا يُفصل بينها؛ بحيث تُصلى دفعة واحدة، ولا تُصلى بإمام، كما لا يُجهر بقراءتها، ويُسنّ الاغتسال لها كما ثبت من فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-.[١]


فضل صلاة الفتح

بحث أهل العلم في فضل هذه الصلاة، وفضل أداءها عند فتح البلاد الإسلامية؛ إذ لم يثبت في فضلها نص ثابت صحيح؛ إنّما هي اجتهادات وآراء أهل العلم؛ إذ قالوا في ذلك:[٢]

  • إنّ أداء هذه الصلاة فيه اقتداء بشرع من قبلنا؛ حيث قال -تعالى- في شريعة بني إسرائيل: (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَـٰذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا...)؛[٣] فيكون شرعُ من قبلنا شرعٌ لنا إذا لم يثبت عندنا ما يخالفه أو ينهى عنه، أو ثبت ما يوافقه.[٤]
  • الاقتداء بفعل النبي -صلى الله عليه وسلم-.
  • شكر الله -تعالى- على نعمة الفتح، واللجوء إليه -سبحانه- في السراء والضراء، وفي الرخاء والشدّة.


مشروعيّة صلاة الفتح

ورد عن عدد من المفسرين أنّ مشروعيّة صلاة الفتح دلّ عليها ما ذُكر في سورة النّصر؛ حيث جاء فيها قوله -تعالى-: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ* وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا* فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ ۚ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا)،[٥] وما ثبت من فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم فتح مكة المكرمة.[٦]


وقد اعترض بعض أهل العلم على هذا القول، وذهبوا إلى أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- صلّى حينها صلاة الضحى؛ إذ لم يرد عن النبي -عليه السلام- أنّه صلى صلاة الفتح المذكورة في غير هذا الموضع؛ فقد فتح خيبر، وغيرها من الحصون العظيمة، ولم يُشر أحدٌ إلى أدائه هذه الصلاة، كما استدلوا بحديث أم هانئ.[٧]


حيث ثبت في الحديث: (أنّه لَمَّا كانَ عَامُ الفَتْحِ أتَتْ -أم هانئ- رَسولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- وهو بأَعْلَى مَكَّةَ؛ فقَامَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- إلى غُسْلِهِ، فَسَتَرَتْ عليه فَاطِمَةُ، ثُمَّ أخَذَ ثَوْبَهُ فَالْتَحَفَ به، ثُمَّ صَلَّى ثَمَانَ رَكَعَاتٍ سُبْحَةَ الضُّحَى)؛[٨][٧]


وردّ من قال بمشروعيّة صلاة الفتح على الرأي الآخر واستدلّوا بالآتي:[٦]

  • إنّ مواظبة النبي -صلى الله عليه وسلم- على صلاة الفتح، خلال تسعة عشر يوماً ومعه عشرة آلاف من الصحابة، يُصلي فيهم ويقصر الصلاة، ويُفطر؛ دلّ كل ذلك على أنّها صلاة الفتح لا صلاة الضحى.
  • إنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن مواظباً على صلاة الضحى، حتى يلزمها في سفرٍ كهذا، وفي جيش بهذا العدد.
  • ظنّ بعض الناس بأنّها صلاة الضحى؛ لأنّ أداءها كان وقت الضحى.[٩]
  • إنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يستعيض عن صلاة الضحى بقيام الليل؛ ودليل ذلك ما ثبت عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قال: (ما رَأَيْتُ رَسولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- سَبَّحَ سُبْحَةَ الضُّحَى، وإنِّي لَأُسَبِّحُهَا).[١٠][٩]
  • دوام الصحابة -رضوان الله عليهم- على صلاة الفتح تأسياً بالنبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فقد صلّى خالد بن الوليد صلاة الفتح يوم فتح الحيرة،[١١] وصلّاها سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- يوم افتتح المدائن، ودخل إيوان كسرى.[٧]

المراجع

  1. الصنعاني، التحبير لإيضاح معاني التيسير، صفحة 26، جزء 6. بتصرّف.
  2. موسى بن راشد العازمي، اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون، صفحة 54، جزء 4. بتصرّف.
  3. سورة البقرة، آية:58
  4. ابن عثيمين، تفسير العثيمين، صفحة 425، جزء 2. بتصرّف.
  5. سورة النصر ، آية:1-3
  6. ^ أ ب عبد الحي يوسف، دروس الشيخ عبد الحي يوسف، صفحة 17، جزء 24. بتصرّف.
  7. ^ أ ب ت السهيلي، الروض الأنف، صفحة 108، جزء 7. بتصرّف.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن فاختة بنت أبي طالب أم هانئ ، الصفحة أو الرقم:336، صحيح متفق عليه.
  9. ^ أ ب سامي بن جاد الله، الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية لدى تلاميذه، صفحة 191-192، جزء 1. بتصرّف.
  10. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1177، صحيح.
  11. ابن الملقن، التوضيح لشرح الجامع الصحيح، صفحة 191، جزء 9. بتصرّف.