صلاةُ الضّحى من الصلواتِ التطوعِ التي يستحب أداؤها والمحافظة عليها، اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان يداوم عليها، ويحثّ أصحابه بالمحافظة عليها، ووقتها هو وقت الضحى: وهو وقت امتداد الشمس في النهار وانبساطها، ويبدأ من بعد طلوع الشمس وارتفاعِها قدر الرّمح، أي بربع ساعة تقريباً، ويُختمُ وقتُها قبل دخولِ وقتِ صلاةِ الظّهر بعشر دقائقَ تقريباً.[١]


صِفةُ صلاةِ الضّحى

تؤدى صلاة الضحى بالكيفية الصحيحة، من خلال الخطوات التالية: [٢][٣][٤]

  • تؤدى صلاة الضحى مثنى مثنى، أي يسلّم من كل ركعتين، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (صلاةُ اللَّيلِ والنَّهارِ مَثْنَى مَثْنَى)،[٥] وذهب بعض أهل العلم إلى القول بجواز أدائها أربعاً أربعاً، بتشهد وسلام واحد في الركعة الرابعة، ويجوز أداؤها ستّ ركعات، أو ثمان ركعات، بتشهد واحد وسلام واحد، في آخر ركعة.
  • اتفق جمهور الفقهاء على أن أقل عدد لركعات صلاة الضحى ركعتان، استدلالاً بحديث أبي هريرة رضي الله عنه، فقال: (أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بثَلَاثٍ.. ورَكْعَتَيِ الضُّحَى)،[٦] وتعددت أقوالهم في أكثر عدد لركعاتها، لقول أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعًا، وَيَزِيدُ ما شَاءَ اللَّهُ)،[٧] وفيما يأتي بيان أقوالهم:
  • الجمهور: قال المالكية والشافعية والحنابلة أن أكثر عدد لأداء صلاة الضحى ثمان ركعات.
  • الحنفية: قال الحنفية أن أكثر عدد لأداء صلاة الضحى اثنتا عشرة ركعة.
  • بعض أهل العلم: قالوا أنه لا حدّ لأكثرها، وليس هناك عدد معين.
  • تؤدى صلاة الضحى سراً، حيث يخافت المصلي صوته في القراءة فيها، دون أن يرفع صوته.
  • يُقرأ في صلاة الضحى بعد قراءة سورة الفاتحة ما تيسر في القرآن الكريم من الآيات والسور، فليس هناك نص شرعيّ يحدّد ما يُقرأ فيها.
  • يفضّل أدائِها حين اشتدادِ واحترار الشّمس، كما جاءَ في الحديث: (صَلَاةُ الأوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ الفِصَالُ)،[٨] أيْ حينما تشتدّ حرارة الأرض، حيث تحترق أخفاف الفصال من شدة حرّ الرمال، والفِصال: جمع فصيلٍ، وهي من الصِغار من الإبل.

فضائِلُ صلاةِ الضّحى     

تعدّدت فضائِلُ صلاةِ الضّحى، من خلالِ الأحاديثِ النبويّة الواردة في أهميّتها وفي الحثّ عليها، وفيما يأتي بيان بعض فضائلها:[٩]


صلاةُ الضّحى وصيّة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم

جاءت وصيّته صلى الله عليه وسلّم لعددٍ من أصحابِه الكِرام، مثل أبي هريرة، وأبي ذر، وأبي الدّرداء، وإن كانت الوصيّة لهم خاصّة بعينِهم، لكنّها عامّة شاملة لجميع أفراد الأمّة الإسلاميّة، فينبغي الحرصُ عليها وعدم التفريط فيها قدر الإمكان، لأن في ذلك اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.


صلاةُ الضّحى تُعادِل الصّدقة

جاءت صلاةُ الضّحى في الحديث أنّها تعدلُ ثلاثمائِةٍ وستين صدقةً؛ إذ إنها بمثابة الصدقة التي يجب على المسلم أن يؤديها عن كل مفصل من مفاصل جسده، لشكره وحمده على نعمه العظيمة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (يُصْبِحُ علَى كُلِّ سُلَامَى مِن أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بالمَعروفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِن ذلكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُما مِنَ الضُّحَى)،[١٠] وهذا يُدلل على فضلِها وعظيم أجرها، فهي تعادل وتجزئ الكثير من الصدقات والخيرات، ويقصد بكلمة سُلامى بالمفاصل التي في جسد الإنسان.


صلاةُ الضّحى صلاةُ الأوّابين

جاءت صلاةُ الضّحى في منزلةٍ ترفع من مقام العبد عند ربِه، إذ هي صلاةُ كلّ أوّاب يُحافِظ عليها ولا يتركها، والأوّاب هو كثير الرّجوع إلى ربّه تبارك وعلا، فهي علامة على صلاح العبد وإيمانه، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يُحَافِظُ على صلاةِ الضُّحَى إلا أَوَّابٌ وهي صلاةُ الأَوَّابِينَ).[١١]


صلاة الضّحى سبب لرعاية الله تعالى

جاء في الحديث أنّ صلاة الضّحى تكفي العبدَ المصلّي لها يومَه كلّه؛ فأداؤها سبب لحفظ الله تعالى ورعايته، فقد تكفّل الله تعالى أن يحفظه من شر وساوس الشيطان، ويحميه من كل أذى ومكروه، ويوسّع له في رزقه، في اليوم الذي يؤدي فيه صلاة الضحى، فعن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فيما يرويه عن ربّه جلّ وعلا: (ابْنَ آدمَ اركعْ لي أولَ النهارِ أربعَ ركَعاتٍ أكْفِكَ آخرَه)،[١٢] والمقصود صلاة الضحى.


صلاة الضحى تعادل أجر عمرة وحجة

بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا جلس المسلم بعد أدائه لصلاة الفجر يذكر الله عزّ وجلّ ويسبّحه ويحمده إلى حين أن تطلع الشمس وترتفع، ثم يصلي ركعتي ضحى فإن ذلك يعادل أجر حجة وعمرة كاملتين تامتين، فجاء في حديثه عليه الصلاة والسلام: (مَن صلى الفجرَ في جماعةٍ، ثم قَعَد يَذْكُرُ اللهَ حتى تَطْلُعَ الشمسُ، ثم صلى ركعتينِ، كانت له كأجرِ حَجَّةٍ وعُمْرَةٍ تامَّةٍ، تامَّةٍ، تامَّةٍ).[١٣]


المراجع

  1. د عبد الله بن حمود الفريح (15/8/2015)، "فضل صلاة الضحى، ووقتها وعدد ركعاتها"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 16/9/2021. بتصرّف.
  2. "صلاة الضحى، عدد ركعاتها، وكيفيتها"، إسلام ويب، 23/2/2003، اطّلع عليه بتاريخ 16/9/2021. بتصرّف.
  3. كمال بن السيد سالم، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، صفحة 425-426. بتصرّف.
  4. محمود عبد اللطيف عويضة، كتاب الجامع لأحكام الصلاة، صفحة 90-91. بتصرّف.
  5. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:2482، أخرجه في صحيحه.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم:1981، صحيح.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:719، صحيح.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن زيد بن أرقم، الصفحة أو الرقم:748، صحيح.
  9. وحيد عبد السلام بالي (29/8/2021)، "أحاديث في فضل صلاة الضحى"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 16/9/2021. بتصرّف.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم:720، صحيح.
  11. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:7628، حسن.
  12. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبو ذر الغفاري وأبو الدرداء، الصفحة أو الرقم:475، صحيح.
  13. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:6346، صحيح.