منّ الله -تعالى- على عباده بصلاة الضحى؛ لِما رتّب عليها من الأجور العظيمة المُضاعفة، والثواب الجزيل، ونيل محبّة الله، كما قال في الحديث القدسيّ: (ما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ)،[١] وفيما يأتي بيان ما يتعلّق بصلاة الضحى:[٢]


تعريف صلاة الضحى

سميّت صلاة الضحى بهذا الاسم نسبةً إلى الوقت الذي تؤدّى فيه تلك الصلاة،[٣] وتسمّى أيضاً صلاة الأوّابين، فصلاة الضحى هي الصلاة التي تؤدّى من حين شروق الشمس، وعرّف الفقهاء الضحى بأنّه: الوقت ما بين ارتفاع الشمس إلى زوالها،[٤] ويُراد بزوال الشمس؛ وقت وجودها في منتصف السماء،[٥] أي قبل رفع أذان الظُهر بربع ساعةٍ تقريباً.[٦]


حكم صلاة الضحى

بيّن العلماء حكم صلاة الضحى، وذهبوا في ذلك إلى قولين بيانهما آتياً:[٧]

  • الحنفية والشافعية والحنابلة: قالوا إنّ صلاة الضحى سنّةٌ.
  • المالكية: قالوا إنّ صلاة الضحى سنةٌ مؤكّدةٌ.


وقت صلاة الضحى

يبدأ وقت صلاة الضحى من بعد مضي ربع ساعةً على شروق الشمس إلى ما قبل رفع أذان الظُهر بربع ساعةٍ.[٨][٦]


عدد ركعات صلاة الضحى

اتّفق العلماء على أنّ أقلّ صلاة الضحى ركعتان، إلّا أنّهم اختلفوا في أكثرها، وبيان خلافهم فيما يأتي:[٩]

  • الحنفية: قالوا إنّ أكثر صلاة الضحى اثنتا عشرة ركعة.
  • المالكية والحنابلة: قالوا إنّ أكثر صلاة الضحى ثمان ركعاتٍ، لما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه عن أمّ هانئ أنّها قالت أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (دَخَلَ بَيْتَها يَومَ فَتْحِ مَكَّةَ، فاغْتَسَلَ وصَلَّى ثَمانِيَ رَكَعاتٍ، فَلَمْ أرَ صَلاةً قَطُّ أخَفَّ مِنْها).[١٠]
  • الشافعية: وردت عدّة أقوالٍ عنهم في أكثر صلاة الضحى؛ فقال النووي إنّ أكثرها اثنتا عشة ركعة، وورد في روضة الطالبين أنّ أكثرها اثنتا عشرة ركعةً والأفضل ثمان ركعاتٍ، بينما ورد عن أكثر الشافعية أنّ أكثر صلاة الضحى ثمان ركعاتٍ.


كيفية وصفة صلاة الضحى

تؤدّى صلاة الضحى بالتسليم من كلّ ركعتين،[١١] بالخطوات الآتي بيانها:[١٢]

  • التأكّد من طهارة الجسد والمكان والثوب.
  • التأكّد من دخول وقت الصلاة قبل الشروع في أدائها.
  • استقبال القبلة؛ أي الكعبة المشرّفة.
  • عقد النية في القلب على أداء صلاة الضحى.
  • رفع اليدين بما يقابل الكتفَين أو أعلى الأذُنين لأداء تكبيرة الإحرام بقول: "الله أكبر" مع النظر إلى موضع السجود.
  • قراءة دعاء الاستفتاح بأيّ صيغةٍ من صِيغه، ومنها: (اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وبيْنَ خَطَايَايَ، كما بَاعَدْتَ بيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الخَطَايَا كما يُنَقَّى الثَّوْبُ الأبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بالمَاءِ والثَّلْجِ والبَرَدِ)،[١٣] ويُمكن ترديده بصيغٍ أخرى له.
  • الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم.
  • البسملة.
  • قراءة سورة الفاتحة.
  • قول: "آمين" بعد الانتهاء من سورة الفاتحة.
  • قراءة ما تيسّر من القرآن غيباً بعد سورة الفاتحة.
  • أداء الركوع بقول: "الله أكبر"، ومساواة الظَّهر والقبص على الرُكبتَين باليدين.
  • تعظيم الله في الركوع بقول: "سبحان ربي العظيم" مرّةً، ويسنّ تكرارها ثلاث مراتٍ أو أكثر.
  • الرفع من الركوع بقول: "سمع الله لمن حمده" للإمام والمنفرد من غير المأموم.
  • الاعتدال من الركوع وقول: (اللهمَّ ربَّنا ولكَ الحمدُ ملءَ السمواتِ وملءَ الأرضِ وملءَ ما شئتَ منْ شيءٍ بعدُ)،[١٤] للإمام والمأموم والمنفرد.
  • السجود بقول: "الله أكبر"، ويكون السجود على سبعة أعضاءٍ؛ هي: الجَبين مع الأنف، والرُكبَتَين، وبواطن الكفّين، وبواطن أصابع القدمين.
  • تعظيم الله في السجود بقول: "سبحان ربي الأعلى" مرّةً، ويسنّ تكرارها ثلاث مراتٍ أو أكثر.
  • الرفع من السجود بقول: "الله أكبر".
  • الجلوس بين السجدتين.
  • قول: "رب اغفر لي وارحمني وعافني وارزقني واهدني واجبرني" بين السجدَتين.
  • أداء السجود الثاني كالأول.
  • القيام من السجود لأداء الركعة الثانية بقول: "الله أكبر".
  • أداء الركعة الثانية كالأولى.
  • الجلوس للتشّهد بعد السجود الثاني من الركعة الثانية.
  • قراءة التشهّد بقول: (التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ والصَّلَوَاتُ والطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أيُّها النبيُّ ورَحْمَةُ اللَّهِ وبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وعلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ).[١٥]
  • قراءة الصلاة الإبراهيمية بعد التشهّد بقول: اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ، وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما صَلَّيْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ، وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما بَارَكْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ).[١٦]
  • التسليم عن اليمين واليسار بقول: "السلام عليكم ورحمة الله" في كلٍّ منهما.


فضل صلاة الضحى

تترتّب على صلاة الضحى العديد من الفضائل والأجور العظيمة المضاعفة، دلّت على ذلك العديد من الأحاديث الصحيحة، منها: ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (يُصْبِحُ علَى كُلِّ سُلَامَى مِن أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بالمَعروفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِن ذلكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُما مِنَ الضُّحَى).[١٧][١٨]


المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:6502، صحيح.
  2. أحمد بن عبدالله الحزيمي (15-7-2019)، "من أسرار سنة الضحى"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 15/2/2021. بتصرّف.
  3. محمد بن صالح بن محمد العثيمين ، الشرح الممتع على زاد المستقنع، صفحة 81 - 4. بتصرّف.
  4. وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية الكويت ، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 221 - 27. بتصرّف.
  5. "تعريف ومعنى زوال الشمس"، معجم المعاني الجامع، اطّلع عليه بتاريخ 15/2/2021. بتصرّف.
  6. ^ أ ب محمد صالح المنجد (24/10/2008)، "أوقات النهي عن صلاة التطوع"، إسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 17/2/2021. بتصرّف.
  7. عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري ، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 301. بتصرّف.
  8. حسين بن عودة العوايشة ، الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة، صفحة 167 - 2. بتصرّف.
  9. وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية الكويت ، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 225 - 27. بتصرّف.
  10. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أم هانئ، الصفحة أو الرقم:1176، صحيح.
  11. سيد سابق ، فقه السنة، صفحة 210 - 211. بتصرّف.
  12. عبد الله بن أحمد بن علي الزيد ، تعليم الصلاة، صفحة 22-28. بتصرّف.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:744، صحيح.
  14. رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن عبدالله بن أبي أوفى، الصفحة أو الرقم:725، صحيح.
  15. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:7381، صحيح.
  16. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن كعب بن عجرة، الصفحة أو الرقم:4797، صحيح.
  17. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم:720، صحيح.
  18. سيد سابق ، فقه السنة، صفحة 208. بتصرّف.