ما يُقرأ في صلاة التوبة

ذكر بعض أهل العلم أنّه يُستحب قراءة سورتي الإخلاص والكافرون في صلاة التوبة، وقيل يُشرع قراءة قوله -تعالى-: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ)؛[١] وقوله -تعالى-: (ومَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً).[٢][٣]


ولقد علّق بعض المتأخرين من أهل العلم أنّ الصحيح عدم تخصيص هذه الصلاة بآيات معينة، أو سور محددة؛ لأنّ ذلك لم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فيجوز للتائب قراءة ما شاء من القرآن الكريم، وما تيّسر له، وما كان أرجى لخشوعه وندمه وتوبته.[٣]


ويمكن توضيح صفة صلاة التوبة بالنقاط الآتية:[٤]

  • صلاة التوبة ركعتان؛ يجب فيهما من الأركان والشروط ما يجب في صلاة النافلة؛ لأنّها من النوافل.
  • تُصلى صلاة التوبة بشكل منفرد؛ أيّ لا يُشرع فيها الجماعة.
  • يُستحب للتائب بعد الانتهاء من الصلاة الإكثار من الاستغفار، وذكر الله -تعالى-؛ بدلالة قوله -تعالى-: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ...)؛[١] وإن تعددت الأقوال في معنى الذكر الوارد بالآية الكريمة؛ فهو يحتمل ذكر الوعيد وعقابه، والذكر الذي باللسان، والصلاة.
  • يُستحب للتائب التصدّق وبذل المال؛ فذلك أرجى لقبول التوبة وغفران الذنب؛ بدلالة قوله -تعالى-: (إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ۖ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ...[٥] وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (مَن حَلَفَ فقالَ في حَلِفِهِ: واللَّاتِ والعُزَّى، فَلْيَقُلْ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، ومَن قالَ لِصاحِبِهِ: تَعالَ أُقامِرْكَ، فَلْيَتَصَدَّقْ).[٦]


مشروعيّة صلاة التوبة

اتفق فقهاء المذاهب الأربعة على مشروعيّة صلاة التوبة، وأنّها مستحبة بما ثبت في السنة النبويّة؛ فقد صحّ عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنّه قال: (حدَّثَني أبو بَكْرٍ وصدقَ أبو بَكْرٍ -رضيَ اللَّهُ عنهُ-، أنَّهُ قالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ- يقولُ: (ما مِن عبدٍ يذنبُ ذنبًا، فيُحسنُ الطُّهورَ، ثمَّ يقومُ فيُصلِّي رَكْعتينِ، ثمَّ يستغفِرُ اللَّهَ، إلَّا غفرَ اللَّهُ لَهُ، ثمَّ قرأَ هذِهِ الآيةَ: "وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ" إلى آخرِ الآيةِ).[٧][٨]


سبب صلاة التوبة ووقتها

السبب الحقيقي لأداء صلاة التوبة وقوع المسلم في إثم أو خطيئة؛ سواء أكانت صغيرة أم كبيرة؛ فيعمد إلى التوبة والندم، وأداء الأعمال الصالحة والقربات؛ وعلى رأسها صلاة ركعتي توبة، فيكون ذلك تطهيراً له، وتوسلاً إلى الله -تعالى- رجاء مغفرة ذنبه، وقبول توبته، وفي صلاة التائب واستغفاره وذكره لله -تعالى- إظهار لصدق عبوديته وأوْبته لله -سبحانه-.[٩]


وينبغي التنبيه إلى أنّ صلاة التوبة ليس لها وقت محدد، فللتائب أنْ يصليها متى ما عزم على التوبة؛ فقد يكون ذلك بعد اقتراف الذنب مباشرة، أو بعد ذلك؛ كما أجاز بعض أهل العلم أداء هذه الصلاة في أوقات النهي والكراهة؛ لأنّها من الصلوات المشروعة عند وجوب سببها، ويبقى وقتها مفتوحاً للتائب شريطةَ أن لا تقع أحد موانع التوبة؛ وهي:[٩]

  • حلول الأجل وظهور سكرات الموت.
  • نزول العذاب واستحقاقه.
  • طلوع الشمس من مغربها.

المراجع

  1. ^ أ ب سورة آل عمران، آية:135
  2. سورة النساء، آية:110
  3. ^ أ ب عبد الله بن عبد العزيز الجبرين، صلاة التوبة والأحكام المتعلقة بها في الفقه الإسلامي، صفحة 178. بتصرّف.
  4. عبد الله بن عبد العزيز الجبرين، صلاة التوبة والأحكام المتعلقة بها في الفقه الإسلامي، صفحة 172-174. بتصرّف.
  5. سورة البقرة، آية:271
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:4860، صحيح.
  7. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:1521، صححه الألباني.
  8. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 164، جزء 27. بتصرّف.
  9. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، صفحة 300-301، جزء 37. بتصرّف.