ما هي صلاة التوبة؟

ما هي صلاة التوبة؟

تندرج صلاة التوبة تحت باب صلاة التطوع التي تُؤدّى لسببٍ، فحين ارتكاب المسلم للذنوب والمعاصي يجب عليه التوبة منها فوراً، فشُرعت صلاة التوبة لتكون وسيلةً للعبد يتوسّل بِّها إلى الله -عزّ وجلّ- بأنْ يقبل منه توبته ويغفر له ذنبه الذي اقترفه، فقد أجمع العلماء على مشروعيتها لحديث أبي بكر -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (ما مِن رَجُلٍ يُذنب ذنْبًا، ثُمّ يقوم فيتطهّر، ثُمّ يُصلّي ثُمّ يستغفر الله إلّا غَفَرَ له).^[١][٢]

حكم صلاة التوبة

صلاة التوبة مُستحبةٌ باتّفاق المذاهب الفقهية الأربعة؛ المالكية والشافعية والحنفية والحنابلة.^[٢]

وقت صلاة التوبة

يستحبّ للمسلم أداء صلاة التوبة حينما يعقد إرادته على التوبة من الذنوب التي اقترفها، سواءً بعد اقتراف الذنب مباشرةً أم بعده بقليلٍ، ويُمكن أداؤها في أيّ الأوقات شاء، ولا تُكره في أي منها لأنّها صلاةٌ ذات سببٍ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "ذوات الأسباب كلّها تفوت إذا أُخرت عن وقت النهي، مثل سجود التلاوة، وتحية المسجد، وصلاة الكسوف، ومثل الصلاة عقب الطهارة، كما في حديث بلال، وكذلك صلاة الاستخارة، إذا كان الذي يستخير له يفوت إذا أخرت الصلاة، وكذلك صلاة التوبة، فإذا أذنب فالتوبة واجبةٌ على الفور، وهو مندوبٌ إلى أن يصلي ركعتين، ثمّ يتوب، كما في حديث أبي بكر الصديق".^[٣]

صفة وكيفية صلاة التوبة

تُؤدَّى صَلاة التَّوبة ركعتَين، وتُصلّى كما تُصلّى صلاة النافلة، يُكبّر المسلم تكبيرة الإحرام ويبدأ بالصلاة، فيقرأ سورة الفاتحة مع ما تيسّر من القرآن الكريم، ثمّ يُكبّر للركوع، ثمّ يرفع منه ويُكبّر للسجود، ثمّ يرفع من السجود ويُكبّر ويسجد مرةً أخرى، ثمّ يُكبّر للقيام من الركعة الأولى ويُكمل الركعة الثانية كما فعل في الأولى، وبعد السجود الأخير يجلس للتشهّد ثمّ يُسلّم،^[٤] ويجوز للمُسلم أن يُصلّي صلاة التوبة جالساً مع قُدرته على القيام، ويكون له نصف أجر مَن صلّى قائماً، ومَن صلّاها جالساً مع وجود عُذرٍ؛ فَله أجرٌ كأجر صلاة القائم،^[٥] ويؤدي المسلم صلاة التوبة مُنفرداً؛ لأنّها من النوافل التي لا تشرع لها صلاة الجماعة، ويُندب له أن يستغفر بعدها، ويُستحبّ أن يُباشر ويَجتهد في عمل الطاعات والقربات، لقوله -تعالى-: (وإنّي لَغفّارٌ لِّمن تَابَ وآمَنَ وعَمِلَ صَالِحَاً ثُمَّ اهْتَدَى)،^[٦][٥] ومن أفضل الأعمال التي يُمكن أن يقوم بها لتكفير ذُنوبه بعد صلاة التوبة تقديم الصدقات؛ لقوله -عزّ وجلّ-: (إِن تُبْدُوا الصَّدَقات فِنِعمَّا هي وإِن تُخْفوها وتُؤْتُوها الفُقَراء فَهُو خَيرٌ لَّكُمْ ويُكفّر عَنكم مِّن سَيِّئاتِكُمْ)،^[٧] ولقول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (والصَّدقة تُطّفئ الخَطيئة كَمَا يُطفئ المَاء النَّار).^[٨][٣]

ثمرات التوبة الصادقة

ذكر أهل العلم فوائد وثمرات عظيمة للتوبة، منها:^[٩]

• التوبة من كمال الإيمان والإسلام، ففيها يَطرق العبد باب خالقه -سبحانه- خائفاً مُتذلّلاً راجياً رحمة ربّه وغُفرانه ورِضاه.
• صاحب التوبة ينعم بالثواب العَظيم، فيكون محلّ رعاية الله وفي حفظه ورحمته، قال -تعالى- في ثواب التائبين إليه: (أُولئِك جَزاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِهِمْ وجنَّاتٌ تَجْري مِن تَحْتها الأَنْهَار خَالدينَ فيها ونِعْمَ أجرُ الْعامِلين).^[١٠]
• يُرزق التائب بمحبّة الله ورُضوانه في الدنيا والآخرة؛ لأنَه -سُبحانه- يُحبّ التائبين، ومن مظاهر تلك الرزق الواسع في الدنيا، قال -تعالى-: (فَقَلْت اسْتغفِروا رَبَّكُمْ إنَّه كَان غَفَّاراً*يُرْسِلِ السَّماءَ عَليْكُم مِّدْرَارًا*ويُمْدِدْكُم بِأمْوالٍ وبَنينَ ويَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ ويَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا).^[١١]