شرع الله تعالى الدعاء للمسلمين في كل وقت وحين، وذلك في قوله تعالى، (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) [البقرة: آية 186]، وقد ورد في سُنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم العديد من صيغ الأدعية المحبب الدعاء بها، وكما وضح لنا الرسول الكريم أوقات الدعاء الأرجح أن تكون أقرب للإجابة إذا لم يكن فيها حرام وقطيعة رحم، ومن بين هذه الأوقات في البكور أي أول النهار وهي بعد صلاة الفجر، وخلال هذا المقال سوف نتحدث حول الدعاء بعد صلاة الفجر.[١][٢]
متى الدعاء بعد صلاة الفجر؟
يجوز للمسلم دعاء ربه في أي وقت من اليوم، وإن كان بعد الصلاة المكتوبة، ولكن لا بد للمسلم إذا فرغ من الصلاة أن يذكر أولاً أذكار الصلاة، وهي أذكار موقوفة أي يجب أن يذكرها كما وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يشرع له الدعاء بما شاء أو بالأدعية المأثورة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، هذا في جواز ووقت الدعاء بعد الصلاة ومنها صلاة الفجر.
أما عن أفضل أوقات الدعاء فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم عدة أحاديث تبين أوقاتاً يكون فيها الدعاء أقرب للإجابة من غيرها، ومن بين هذه الأوقات الثلث الأخير من الليل، أي قبل الفجر تمامًا وليس بعده وذلك في الحديث الشريف: (يَنْزِلُ رَبُّنا تَبارَكَ وتَعالَى كُلَّ لَيْلةٍ إلى السَّماءِ الدُّنْيا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، يقولُ: مَن يَدْعُونِي، فأسْتَجِيبَ له؟ مَن يَسْأَلُنِي فأُعْطِيَهُ؟ مَن يَستَغْفِرُني فأغْفِرَ له؟)،[٣]لذلك على من أراد أن يجتهد في الدعاء فليكن قبل الفجر وليس بعده لما صح عن رسول الله في استحباب الدعاء قبل الفجر وليس بعده والله أعلم.
أفضل أوقات الدعاء
ذكرنا فيما سبق أن من أفضل أوقات الدعاء والتي يكون فيها أقرب للإجابة هو الثلث الأخير من الليل حتى طلوع الفجر، وفيما يلي توضيح لبعض من أفضل الأوقات الأخرى التي يستحب فيها الدعاء:
- الدعاء بين الأذان والإقامة وذلك استنادًا للحديث الشريف: (لا يُردُّ الدعاءُ بين الأذانِ والإقامةِ)[٤]
- الدعاء في السجود، استنادًا للحديث الشريف: (أَقْرَبُ ما يَكونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ، وهو ساجِدٌ، فأكْثِرُوا الدُّعاءَ)[٥]
- الدعاء يوم الجمعة وتحري ساعة الاستجابة وذلك استنادًا للحديث الشريف: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذَكَرَ يَومَ الجُمُعَةِ، فَقالَ: فيه سَاعَةٌ، لا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وهو قَائِمٌ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شيئًا، إلَّا أعْطَاهُ إيَّاهُ وأَشَارَ بيَدِهِ يُقَلِّلُهَا)[٦]
- الدعاء بعد التشهد في الصلاة كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: (عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: كنَّا إذا جلَسْنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الصَّلاةِ، قُلْنا: السَّلامُ على اللهِ قَبلَ عبادِه، السَّلامُ على فُلانٍ وفُلانٍ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لا تقولوا: السَّلامُ على اللهِ؛ فإنَّ اللهَ هو السَّلامُ، ولكنْ إذا جلَسَ أحدُكم فَلْيَقُلْ: التَّحيَّاتُ للهِ، والصَّلواتُ والطَّيِّباتُ، السَّلامُ عليكَ أيُّها النبيُّ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه، السَّلامُ علينا وعلى عبادِ اللهِ الصَّالحينَ؛ فإنَّكم إذا قلْتُم ذلك أصابَ كلَّ عبدٍ صالحٍ في السماءِ والأرضِ -أو بينَ السماءِ والأرضِ-، أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأشهَدُ أنَّ مُحمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ، ثمَّ ليتخيَّرْ أحدُكم مِنَ الدُّعاءِ أعجَبَه إليه، فيدعوَ به)[٧]
أوجه إجابة الدعاء
أخبر صلى الله عليه وسلم أن المسلم إذا دعا ربه استجاب له ما لم يكن في دعائه إثم أو قطيعة رحم، وتكون استجابة الدعاء على ثلاثة أوجه، إما أن يعطيه ما طلب في الدنيا إن كان كله أو بعضه وذلك بحكمة الله عز وجل، أو أن يدخر له الدعاء للآخرة فيكون له به ثواب، أو أن يدفع عنه سوءًا كان سيقع به وذلك بعلم الله سبحانه وتعالى، وذلك استنادًا للحديث الشريف (ما من مسلمٍ يَدْعُو بدعوةٍ – ليس فيها إثمٌ ولا قطيعةُ رَحِمٍ – ؛ إلا أعطاه اللهُ بها إحدى ثلاثٍ : إما أن يُعَجِّلَ له دعوتَه، وإما أن يَدَّخِرَها له في الآخرةِ، وإما أن يَصْرِفَ عنه من السُّوءِ مِثْلَها، قالوا : إذَنْ نُكَثِّرُ ؟ ! قال : اللهُ أكثرُ)[٨]
لذلك على المسلم أن يدعو ربه بيقين الإجابة وإن لم تقع في الدنيا، وذلك لأن الله سبحانه وتعالى برحمته ولطفه في العباد وبحكمته، يختار لعباده وجه الإجابة التي يكون فيها أفضل الخير لهم، والله أعلم.[٩]
المراجع
- ↑ ما بين الأذان والإقامة,فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ "الأوقات التي تجاب فيها الدعوات"، الإمام ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 22/10/2023.
- ↑ "أذكار تقال بعد صلاة الفجر والمغرب"، الإمام ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 22/10/2023.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:1145، صحيح.
- ↑ رواه الألباني ، في صحيح أبي داود، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:521، صحيح.
- ↑ رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:482، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:935، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:831، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الأدب المفرد، عن أبو سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:547، صحيح.
- ↑ "الدعاء مستجاب على أوجه متنوعة"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 22/10/2023. بتصرّف.