وقت قيام الليل

وقت صلاة الليل ممتدٌ؛ إذ يبدأ من بعد صلاة العشاء وينتهي برفع الأذان الثاني للفجر، أي يُمكن للمسلم أداء صلاة قيام الليل أوله أو أوسطه أو آخره، استدلالاً بما أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُفْطِرُ مِنَ الشَّهْرِ حتَّى نَظُنَّ أَنْ لا يَصُومَ منه، ويَصُومُ حتَّى نَظُنَّ أَنْ لا يُفْطِرَ منه شيئًا، وكانَ لا تَشَاءُ أَنْ تَرَاهُ مِنَ اللَّيْلِ مُصَلِّيًا إلَّا رَأَيْتَهُ، ولَا نَائِمًا إلَّا رَأَيْتَهُ)،[١] وقال الحافظ ابن حجر شارحاً الحديث: (أي إنّ صلاته ونومه كان يختلف بالليل، ولا يرتّب وقتاً معيناً بل بحسب ما تيسَّر له القيام).[٢]


حكم القيام أول الليل

يُفضّل القيام أول الليل لمَن عَلِم أنّه لن يقوم آخر الليل للقيام، أو ظنّ أنّ النوم سيغلبه، فبذلك يضمن المسلم نيل أجر وثواب قيام الليل فلا يفوته، استدلالاً بعدّة ادلةٍ بيانها آتياً:[٣]

  • ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه-: (قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: مَن خَافَ أَنْ لا يَقُومَ مِن آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ، وَمَن طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ، فإنَّ صَلَاةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ، وَذلكَ أَفْضَلُ).[٤]
  • ما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (أَوْصَانِي خَلِيلِي بثَلَاثٍ لا أدَعُهُنَّ حتَّى أمُوتَ: صَوْمِ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ مِن كُلِّ شَهْرٍ، وصَلَاةِ الضُّحَى، ونَوْمٍ علَى وِتْرٍ)،[٥] وفسّر الإمام ابن حجر الحديث بقوله: (فيه استحباب تقديم الوتر على النوم، وذلك في حقّ مَن لم يثق بالاستيقاظ)، وقال ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين: (ولكن مع هذا، إذا قام الإنسان في أيّ ساعةٍ من الليل فإنّه يُرجى له أن ينال الثواب، هذا الذي ذكره النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- هو الأحبّ إلى الله والأفضل، لكن يكفي أن تقوم الثلث الأخير أو الثلث الأوسط أو النصف الأول، حسب ما تيسّر لك).


أفضل وقتٍ لقيام الليل

اختلف العلماء في تحديد الوقت الأفضل لقيام الليل، وذهبوا في ذلك إلى قولَين بيانهما آتياً:[٦]

  • جمهور العلماء من الحنفية والشافعية والحنابلة: قالوا إنّ الأفضل السُدُسَين الرابع والخامس من الليل، استدلالاً بما أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه عن عبدالله بن عمرو: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ له: أَحَبُّ الصَّلَاةِ إلى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُدَ عليه السَّلَامُ، وأَحَبُّ الصِّيَامِ إلى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ، وكانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ ويقومُ ثُلُثَهُ، ويَنَامُ سُدُسَهُ، ويَصُومُ يَوْمًا، ويُفْطِرُ يَوْمًا)،[٧] وتحديد السُدُسين الرابع والخامس يكون بجمع عدد الساعات من غروب الشمس إلى أذان الفجر الثاني، وقسمة مجموع عدد الساعات على ستة، فيكون القسمَين الرابع والخامس هما السُدُسين الرابع والخامس.[٨]
  • المالكية: قالوا إنّ الأفضل القيام آخر الليل لمَن كانت عادته الاستيقاظ آخر الليل، أمّا مَن خاف عدم الاستيقاظ ولم يعتاد على القيام آخر الليل؛ فالقيام أول الليل أفضل له.


المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:1141، صحيح.
  2. كمال ابن السيد سالم، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، صفحة 400. بتصرّف.
  3. "قيام أول الليل أفضل لمن لا يقوم في آخره"، إسلام ويب، 24/12/2011، اطّلع عليه بتاريخ 18/3/2021. بتصرّف.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:755، صحيح.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1178، صحيح.
  6. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 119-120. بتصرّف.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:1131، صحيح.
  8. د. عبدالله بن حمود الفريح (21/3/2015)، "صلاة الليل في وقتها (أفضل وقت لصلاة الليل)"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 18/3/2021. بتصرّف.