التطوّع بالعبادات

فرض الله -تعالى- النوافل من العبادات والطاعات جبراً للنقص والخلل الذي قد يقع في الفرائض منها، كما أنّ النوافل كالسياج الذي يحرس الفرائض من التقصير أو التهاون فيها، بالإضافة إلى أنّ النوافل سببٌ من أسباب نيل محبّة الله -سبحانه- إذ قال في الحديث القدسيّ الصحيح: (ما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ)،[١] فمحبّة الله لعباده سببٌ في نيل محبّة العباد في الأرض، إذ قال -عليه السلام-: (فإذا أحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ)،[١] كما أنّ النوافل من أسباب مغفرة الذنوب والخطايا، ومضاعفة الأجور والحسنات، وتحقيق السعادة وقضاء الحاجات.[٢]


لماذا سمي الوتر بهذا الاسم؟

الوتر في اللغة يعني: العدد الفردي؛ كالواحد والثلاثة والخمسة، وقد ورد ذكره في عدّة أحاديث نبويةٍ، منها: ما ورد عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (إنَّ اللهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ)،[٣] وقال أيضاً: (مَن تَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِرْ، ومَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ)،[٤] أمّا في الشَّرع فهي: صلاة التطوع التي تؤدّى ما بين العشاء والفجر وتُختم بها صلاة الليل، وسُميّت بصلاة الوتر؛ لأنّها تؤدّى بعدد ركعاتٍ فردي؛ بركعةٍ واحدةٍ أو ثلاث ركعاتٍ أو أكثر، ولا تكون شفعاً بعددٍ زوجي من الركعات.[٥]


فضل الوتر

تترتّب العديد من الفضائل على صلاة الوتر بيان البعض منها آتياً:

  • الوتر عبادةٌ من أعظم وأجلّ العبادات والطاعات، يدلّ على ذلك اهتمام النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بها، وحرصه على أدائه، ومحافظته عليها، فكان يؤديها في إقامته وسفره، استدلالاً بما أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه أنّ عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّه قال لسعيد: (إنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يُوتِرُ علَى البَعِيرِ).[٦][٧]
  • العمل بوصية النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، فقد أوصى عدداً من الصحابة -رضي الله عنهم- به، كما ثبت في صحيح البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بثَلَاثٍ: صِيَامِ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ مِن كُلِّ شَهْرٍ، ورَكْعَتَيِ الضُّحَى، وأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أنْ أنَامَ)،[٨] كما حذّر من إهمال الوتر أو التهاون في أدائه.[٧]
  • صلاة الوتر من النوافل والتطوّع المستحبّة تأكيداً، قال -عليه الصلاة والسلام-: (يا أهلَ القرآنِ أَوْتِرُوا، فإنَّ اللهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ)،[٩] وقال -عليه السلام- إجابةً على سؤال الأعرابي الذي سأله عمّا افترض الله -تعالى- عليه من الصلوات في اليوم والليلة: (خَمْسُ صَلَوَاتٍ في اليَومِ واللَّيْلَةِ، فَقَالَ: هلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: لَا، إلَّا أنْ تَطَّوَّعَ)،[١٠] مع الإشارة إلى عدم خصوصية الوتر بأهل القرآن، فهو مستحبّ في حقّ كلّ المسلمين، إلّا أنّ أهل القرآن خُصّوا بالذكر لأنّهم يتلون آيات القرآن في صلواتهم.[١١]


المراجع

  1. ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:6502، صحيح.
  2. "النوافل طريق المحبة "، طريق الإسلام، 2016/8/17، اطّلع عليه بتاريخ 12/4/2021. بتصرّف.
  3. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:453، حسن.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:161، صحيح.
  5. أبو مالك كمال بن السيد سالم ، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، صفحة 381. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:999، صحيح.
  7. ^ أ ب الوليد بن عبد الرحمن الفريان، القنوت في الوتر، صفحة 7-9. بتصرّف.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1981، صحيح.
  9. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:7860، صحيح.
  10. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن طلحة بن عبيدالله، الصفحة أو الرقم:2678، صحيح.
  11. عبد المحسن العباد، شرح سنن أبي داود، صفحة 3. بتصرّف.