النوافل
شرع الله -تعالى- النوافل من العبادات كالشفع والوتر؛ لتكمّل الفرائض وتجبر الخلل والنقص الذي قد يقع فيها، كما أنّ النوافل من أعظم أسبابب نيل محبّة الله -سبحانه-، فقد ثبت في صحيح البخاري عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- فيما يرويه عن ربّه -عزّ وجلّ-: (ما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ).[١][٢]
ما معنى الشفع والوتر؟
الشّفْع في اللغة يعني: ضمّ الشيء لمثله، فيُقال: شفَع الركعة؛ أي أضاف عليها ركعةً أخرى، كما يُراد بالشّفْع: الزوج من الشيء أو العدد الزوجيّ، ويُجمع الشفع على أشْفاع وشِفاع،[٣] والوتْر في اللغة يأتي بمعنى: الفرد أو العدد الفردي، فيُقال: وَتَرَ الصلاة؛ أي جعلها وتراً،[٤] والشفع والوتر في الشرع: الركعات الثلاث الأخيرة التي تؤدّى ليلاً بعد صلاة العشاء أو بعد قيام الليل.[٥]
من أحكام الشفع والوتر
وقت صلاة الشفع والوتر
يبدأ وقت الشفع والوتر من بعد صلاة العشاء وينتهي برفع الأذان الثاني للفجر، ويُفضّل تأخيره إلى آخر الليل ما قبل الفجر لمَن غلب على ظنّه الاستيقاظ في ذلك الوقت، فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (مَن خَافَ أَنْ لا يَقُومَ مِن آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ، وَمَن طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ، فإنَّ صَلَاةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ، وَذلكَ أَفْضَلُ).[٦][٧]
التطوّع بالصلاة بعد الوتر
اختلف العلماء في كيفية التطوّع بالصلاة والتنفّل بها بعد أداء الوتر؛ كمَن صلّى الوتر وأراد التنفّل بعد بالصلاة، وقد ذهبوا في ذلك إلى رأيين بيانهما آتياً:[٨]
- الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة: قالوا إنّ مَن أراد التطوّع بالصلاة بعد الوتر يصلّي ما شاء من الركعات وما تيسّر له على أن تكون شفعاً؛ أي بعددٍ زوجي من الركعات دون أداء الوتر بعدها، استدلالاً بما ثبت في الصحيح عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه صلّى ركعتَين بعد الوتر، واستدلالاً بما ورد عن قيس بن طلق بن علي: (زارَنا طلقُ بنُ عليٍّ في يومٍ من رمَضانَ وأمسَى عندَنا وأفطرَ ثُمَّ قامَ بنا اللَّيلةَ وأوترَ بنا ثمَّ انحدرَ إلى مسجدِهِ فصلَّى بأصحابِهِ حتَّى إذا بقِيَ الوترُ قدَّمَ رجلًا فقالَ أوتر بأصحابِكَ فإنِّي سمعتُ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ يقولُ لا وِترانِ في ليلةٍ).[٩]
- ابن عباس وابن مسعود وابن عمر وسعد وأسامة وعثمان وعلي: قالوا إنّ مَن أراد التطوّع بعد الوتر فإنّه يبدأ تطوّعه بركعةٍ؛ يشفع بها وتره السابق، ثمّ يصلّي ما شاء من الركعات على أن تكون شفعاً، ثمّ يصلّي الوتر.
الأسباب المُعينة على أداء الشفع والوتر
تتعدّد الأسباب التي تُعين المسلم على أداء الشفع والوتر والمحافظة عليهما، وفيما يأتي بيان بعض تلك الأسباب:[١٠]
- الاستعانة بالله -تعالى- والتوكّل عليه.
- تجديد الإيمان في القلوب والنفوس.
- محبّة الله -تعالى- والتعلّق به وحده.
- محبّة الرسول -عليه الصلاة والسلام- محبةً صادقةً، والحرص على الاقتداء به في أقواله وأفعاله.
- الخوف من الله -تعالى- ومن غضبه وعقابه، واستشعار مراقبته لعباده دائماً.
- استحضار الوقوف بين يدي الله -سبحانه- عند أداء الصلاة، وسماعه لتلاوة الآيات.
- سلامة ونقاء القلب من الحقد والضغينة وحقوق العباد.
- الابتعاد عن المعاصي والذنوب، والحرص على كسب الحسنات والأُجور المضاعفة.
- الزهد في الحياة الدنيا، وعدم التعلّق بما فيها من ملذاتٍ وشهواتٍ، والتعلّق بالحياة الآخرة والحرص على الاستعداد لها.
المراجع
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:6502، صحيح.
- ↑ "النوافل طريق المحبة "، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 14/4/2021. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى شفع في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 10/3/2021. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى وتر في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 10/3/2021. بتصرّف.
- ↑ [مجموعة من المؤلفين]، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 8553. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:755، صحيح.
- ↑ مجموعة من المؤلفين ، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 8531. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 300-301. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن قيس بن طلق بن علي، الصفحة أو الرقم:1439، صحيح.
- ↑ رقية بنت محمد المحارب، الإبانة عن أسباب الإعانة على صلاة الفجر وقيام الليل، صفحة 30-38. بتصرّف.