الوتر وفضله

الوتر في اللغة هو: الفرد من الشيء أو العدد الفردي، أمّا في الشَّرع: فيُطلق على صلاة التطوّع التي تؤدّى ليلاً من بعد صلاة العشاء إلى ما قبل صلاة الفجر، بعدد ركعاتٍ فردي؛ كالركعة، والثلاث، والخمس، ونحو ذلك،[١] فصلاة الوتر من أعظم وأفضل العبادات، يدلّ على ذلك اهتمام النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بها، وحرصه على أدائها، فكان يؤديه في الحضر والسفر، وأوصى به عدداً من الصحابة -رضي الله عنهم-، كأبي هريرة، إذ أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه عنه: (أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بثَلَاثٍ: صِيَامِ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ مِن كُلِّ شَهْرٍ، ورَكْعَتَيِ الضُّحَى، وأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أنْ أنَامَ)،[٢] وقال -عليه الصلاة والسلام- عن عمرو بن شعيب بن أبيه عن جدّه: (إنَّ اللَّهَ زادَكُم صلاةً فحافِظوا عليها وَهيَ الوترُ).[٣][٤]


كيفية الوتر عند الحنفية

يؤدّى الوتر عند الحنفية ثلاث ركعاتٍ بتشهّدَين وسلام؛ أي بأداء أول ركعتَين ثم التشهّد، والقيام بعده لأداء الركعة الثالثة والجلوس بعدها للتشهّد والسلام، وقد استدلّوا بما ورد عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (كانَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يُوتِرُ بثلاثٍ لا يُسَلِّمُ إلا في آخرِهِنَّ)،[٥] ولا يؤدّى الوتر إلّا بالكيفية السابقة عند الحنفية.[٦]


ما يُقرأ في الوتر عند الحنفية

القراءة في صلاة الوتر عند الحنفية تكون بسورة الفاتحة في كلّ ركعةٍ من الركعات الثلاث، وقراءة سورةٍ أخرى أمرٌ حسنٌ، وإن أراد المصلّي القراءة؛ فيقرأ في الركعة الأولى بسورة الأعلى، وفي الركعة الثانية بسورة الكافرون، وفي الركعة الثالثة بسورة الإخلاص، استدلالاً بما ورد عن أبيّ بن كعب -رضي الله عنه- أنّه قال: (كانَ رسولُ اللَّهِ يقرأُ في الوترِ ب سبِّحِ اسمَ ربِّكَ الأعلى وفي الرَّكعةِ الثَّانيةِ ب قل يا أيُّها الكافرونَ وفي الثَّالثةِ ب قل هوَ اللَّهُ أحدٌ ولا يسلِّمُ إلَّا في آخرِهنَّ ويقولُ يعني بعدَ التَّسليمِ سبحانَ الملِك القدُّوسِ ثلاثًا)،[٧] وأضافوا إنّ القراءة بالسور سابقة الذكر تكون أحياناً، وتكون أحياناً أخرى بغير تلك السُور؛ لعدم هجران القرآن.[٨]


حكم الوتر عند الحنفية

أجمع العلماء على مشروعية الوتر استدلالاً بما ورد عن علي بن أبي طالب أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (يا أَهلَ القرآنِ أوتِروا فإنَّ اللَّهَ وترٌ يحبُّ الوِترَ)،[٩] أمّا حكمه كما صرّح الحنفية فهو واجبٌ، مستدلّين بعدّة أدلّة، منها:[١٠]

  • روى أبو بصرة الغفاري -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (إنَّ اللهَ زادَكم صلاةً، وهي الوترُ، فصلوها بين صلاةِ العشاءِ إلى صلاةِ الفجرِ)،[١١] فأمر الرسول -عليه الصلاة والسلام- بأداء الوتر يدلّ على أنّه واجبٌ.
  • روى أبو أيوب الأنصاري عنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (الوِترُ حقٌّ، فمن أحبَّ أنْ يوترَ بخَمسِ ركعاتٍ، فليفعلْ، ومن أحبَّ أنْ يوترَ بثلاثٍ، فليفعلْ ومن أحبَّ أنْ يوترَ بواحدةٍ، فليفعلْ).[١٢]


المراجع

  1. محمد الطايع (16/2/2010)، "صلاة الوتر: فضائل وأحكام"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 8/3/2021. بتصرّف.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1981، صحيح.
  3. رواه الإمام أحمد، في مسند أحمد، عن جد عمرو بن شعيب، الصفحة أو الرقم:11/13، إسناده حسن.
  4. الوليد بن عبد الرحمن الفريان، القنوت في الوتر، صفحة 7-8. بتصرّف.
  5. رواه العيني، في عمدة القاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:7/5، صحيح.
  6. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 294. بتصرّف.
  7. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أبي بن كعب، الصفحة أو الرقم:1700، صحيح.
  8. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 298. بتصرّف.
  9. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:1416، صحيح.
  10. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 1010-1009. بتصرّف.
  11. رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن أبي بصرة الغفاري، الصفحة أو الرقم:108، إسناده صحيح.
  12. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أبي أيوب الأنصاري، الصفحة أو الرقم:1711، صحيح.